الأحد، 19 ديسمبر 2010
شلل المناعة
الجمعة، 17 ديسمبر 2010
على الرَّف : العصفور الأول لأزهار أحمد
“كيف أكتب كلماتٍ كالموسيقى، كأصوات العصافير، أو حتى كنقيق الضفادع؟” *
هكذا تبدأ أزهار أحمد روايتها “العصفور الأول” الصادرة عن دار الجمل بألمانيا، وهي الرواية التي غيرت نظرتي للروايات العمانية، و يمكنني القول بأنها أفضل رواية عُمانية قرأتها إلى الآن، فالحد الذي تملكتني به الرواية لم يصادفني في رواية عمانية سبقتها! تقدم الكاتبة فكرة فريدة من نوعها قلما يصادفك كتاب يحرضك ويحدثك على أن “لا تتجاهل الصوت الذي ينز بداخلك”*!
دعوني أسر لكم بسر صغير، لطالما أحببت العصافير وتركت لها فتات الخبز والحبوب بنافذة المجلس ثم جلست أراقبها، كان العصفور الأول الذي أمسكه بين يدي يرتعش حتى أطلقته! ذكرني عصفور/رواية أزهار أحمد بعصفوري الأول، قلقي حين أمسكت أول عصفور بين يدي في طفولتي كان كقلق “مقرن” وهو يحاول الإمساك بعصفوره “الرواية الأولى”، أجادت الكاتبة نقل هذا القلق الذي يسكن الروح، فهو حينا يملؤها حد الغرق، وحيناً بعدها بفلسفات لا يمكن للكاتب أن يتجاهلها فتجده يصرح قائلاً .. “أشعر برغبة في الصراخ وكأنني لم أعش حياتي من قبل، كأنني شخص آخر، أفكاري مضطربة متضاربة. لِمَ يجب أن أكتب، هل لمجرد أنني أنزف طاقة لا أعرفها، يكفي سبباً لامتهان الكتابة؟ هل الكتابة امتهان؟ وهل يستحق البشر فعلاً أن أنزف لأجلهم، وأخاطر بنفسي، ومن ثم يرمونني بالحجارة؟ مَن سيقرأ لي أنا الناهض فجأة من لا شيء؟”*
تأخذنا أزهار في رحلة الكاتب الذي يريد أن يكتب الموسيقى فيبحث عن الألم الحقيقي للكتابة، إذ يقرر مقرن أن يعيش الألم ليكتب النور لهذا العالم-بتحريض من صديقه الذي يتحدث في فصل الموسيقى-، وبعد صراع داخلي وفكري يقرر زيارة العالم ويبدأ رحلة في الهند، فترافقه المرشدة السياحية أنيتا في رحلة يطلب فيها الغرق وينشد فيها الحزن والفرح معاً، ليجد الفقر في أبشع صورة بـ فيروز أباد مدينة الزجاج المنسية ومدينة الطفولة المفقودة، “كان الجوع يتدلى من عيون الأطفال ومن ابتساماتهم الجافة، كانوا أضعف من أن يلعبوا أو يقفزوا، وكلما مررت بإنسان هُيئَ لي أنه ظلٌّ قابضٌ على روحه”.
أنيتا تحمل مقرن لما هو أبعد من جولة سياحية فتسمعه يقول بعد أيام بداخله عنها “إنها امرأة مثالية تماماً للحب والكتابة”، وتصبح أسنانها البيضاء غراماً ينسيه أوجاع العالم ويدخله في وجع الحب، فكيف لكاتب أن يكتب دون أن يحب؟ تعطي أزهار لأنيتا القلم لتكتب هي أيضاً وتحكي لنا قصتها، قصة تصدم القارئ وتدهشه ؛ فالهند بلاد العجائب تحمل بجوفها ملايين القصص.
رغم كل ما تحمله الرواية من وجع الإنسانية في نصفها الأول إلا أن فكرة “القتل لمجرد الرغبة في القتل” تستحوذ على مقرن، فكيف يتخلص مقرن من هذه الفكرة؟ وكيف تتعامل شخصية مبدعة تعيش اللحظة بكل جنونها وتعلقها مع فكرة القتل؟ وإلى أين يصل هذا الكاتب الشاب الذي راح يبحث في 175 صفحة عن النور الذي سيضيء العالم؟ لم تجب أزهار عن هذه التساؤلات فقط بل قدمت للكاتبة رحلة مثيرة للكتابة بكل ما في الإبداع من وجع ولذة، بكاء وحب، دم ودموع.
المؤسف أنّ الرواية يمكن تغييرها بسهولة لتصبح رواية من بلد آخر، أعني أن الملامح العُمانية لشخصية الفرد والمكان لم تكن محفوره بذاك العمق، فالجامعة يمكنها أن تكون جامعة في الكويت أو سوريا، والعاصمة قد تكون الرياض أو بيروت، تمنيت لو أشعر بحميمية وأهمية المكان/العُماني، بعكس ما قدمته الكاتبة من صور للهند تجعلك تدرك يقينا أنها الهند لا بلد سواها! ليس هذا انتقاصاً من قيمة الرواية –في رأيي كقارئ- لكنها أمنيات لكتبات قادمة بإذن الله
*أزهار أحمد، رواية “العصفور الأول”
بقلم: إيمان فضل
نشر المقال في الفلق
الجمعة، 3 ديسمبر 2010
على الرَّف: روايـة الأرامــل
تحكي الرواية عن قرية خَرَجَ رجالها –على فترات متباعدة- ولم يعودوا، ولم يبقى فيها إلا قوات الأمن، لم يخرج الجميع طوعاً بل إجبار البعض على مصاحبة أو مرافقة شخصيات مجهولة أرغمتهم على ذلك، وكان النهر الذي يصل للقرية من الجبال يحمل بين فترة وأخرى جثة رجل ما! تشوهت ملامحه فيصبح التعرف علية صعباً أو لنقل مستحيلاً، تلك التشوهات بالجثث كانت نتيجة التعذيب “ربما” قبل القتل، أو”ربما” بسبب البقاء لأسابيع في النهر، أو “ربما” من الجوع، أو “ربما” بسبب الاصطدام بصخور النهر إذا فرضنا بأن الجثة سقطت من أعالي الجبال!
أصبحت القرية خالية إلا من النساء اللاآتي ينتظرن عودة من لا يعود! وقد بلغ بهن اليأس إلى إدعاء تعرفهن على الجثث، لتجد إحداهن تقرر أنها جثة زوجها الذي اختفي منذ عام مضى، وتصر الأخرى بأنه والدها وتعد لإقامة طقوس العزاء والدفن له، رغم أن وجه الجثة لم يعد سوى مادة كانت ذات يوم وجهاً وأضحت “متفسخة متلاشية، بما تعرضت له من سحق وارتطام وتنقيع”*.
توقع هذه التصرفات العجيبة رجال الأمن في حيرة، الصمت المخيم على الأرامل مخيف، وحين تقرر إحداهن أن الجثة تخص زوجها أو ابنها فلا مجال لثنيها عن أخذ الجثة وإقامة مراسم العزاء والدفن له، ضاربة بعرض الحائط كل التدابير الأمنية، فرغم صعوبة اكتشاف أسباب وفاة الجثث لتعدد الآثار التي تحتويها، إلا أن فالأسباب لم تعد مهمة لزوجة قررت أن زوجها قد مات وهذه الجثة الممزقة ستكون جثته!
تصور الرواية مقداراً من الألم واليأس يثقل نفس القاريء، كيف لإنسان أن يصل إلى درجة من اليأس يقرر فيها وفاة أعز الناس إليه لأنه مَّل بداخله من انتظاره؟ كيف له أن يقرر بأن هذه الجثة المفقودة الملامح ستكون جثة عزيز عليه؟ أي قمع عانته تلك الشعوب لتجبر أصحابها على إجهاض الأمل!؟
لم يعد أحد! لم يسبق أن عاد أحدهم فأي أمل قد تحلم به أرملة! تتصاعد حدة الموقف حين يرفض رجال الأمن تسليم الجثث للأرامل لعدم وجود دليل جازم بهوية صاحبها!
“الأرامل” تصور الحرمان الذي لم يكن من العائلة والبيت والحياة بل أمتد ليطال قبور هؤلاء المفقودين الذين لا يعرف أين أو كيف ماتوا!؟
كاتب الرواية فُقِدَ أيضاً في ظروف غامضة وبقت مسودة الرواية للابن الذي ولد بعد اختفاء والده ونشرها باسم مستعار! الرواية التي صدرت ترجمتها عن دار نينوي تقع في 154 صفحة من القطع الحجم المتوسط، وقد كتبها صاحبها بين عامين 1941 و1942 وكأنه يتنبأ باختفاءه هو الآخر.
نشر المقال في مجلة الفلق
مصدر الصورة
الاثنين، 29 نوفمبر 2010
نصوص بلا توقيع للبيع
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته...
هناك أشياء لا يمكنك تعلمها أو اكتسابها و أطلق عليها الناس أسم الموهبة و إن بذلت المال لأجل هذا لن تتمكن – كما يغلب الظن و التجربة- من اكتسابها، رغم كل محاولاتي لتعلم الرسم بداءً باللعب بالألوان و متابعة برنامج "ارسم من نانسي" و انتهاء بحصص التربية الفنية في الثانوية إلا أن النتيجة كانت واحده و تؤكد مرة بعد أخرى فشلي المخجل! مع محالات صناعة كاتب أو صناعة قلم التي يحاول البعض تأكيد إمكانيتها تبقى هذه المحاولات داخل مختبرات لم نلمس نتائجها بعد –إن كانت هناك نتائج أساساً- !
على الضفة الأخرى –وهي ما يهمني الآن- هو سلسلة الاتهامات التي لا يتردد البعض في إطلاقها مؤكده بأن الاسم الموقع أسفل النص أو الكتاب ليس هو اسم الكاتب الحقيقي، قد تكون شهدنا بعضاً من اتهام أحلام مستغانمي في ثلاثيتها و تأكيد البعض أن نزار قباني هو من كتب تلك الثلاثية، هناك شكوك يطلقها البعض ولا يمكن تجاهلها حين نرى "أميراً" أو "رجل أعمال" ينشر كتاباً أو يلقي قصيده...
يقول بعض علماء النفس أن الإنسان بطبيعة حالة يحب التملك و عندما يملك المال و يحاول أن يشتري به كل ما يستطيع لكن! تقف هذه الموهبة و السعادة في وجهه فيستمر في المحاولة لشراء أحدهم أو كلاهماً، بلا شك هذا لا ينطبق على "كل" من يملك مالاً لكنه ينطبق على فئة قلت أو كثرت فهل يمكن تجاهلها!؟
في الحقيقة و أنا أكتب هذه الكلمات لم أكن راغبةً في نقاش موضوع الكاتب الحقيقي لنص شخصية مشهورة بل كنت أتسأل – و السؤال حق مشروع – ترى كم سيدفعون لشراء قصة أو رواية بلا توقيع !؟
الكتابة بإمكانها أن تتحول إلى استثمار حقيقي بعملية حسابية بسيطة، و بهذا لن يصبح الشاعر فقيراً و لن يموت فقيراً أيضا – رحمة الله علي من مات جوعاً منهم- و يستطيع القاص أو الروائي أن يجني قوت سنوات قد تمتد لثلاث أو أربع إذا فكر في الأمر من ناحية ماديه صرفه !
ما رأيكم!؟؟
إذا كنا في النهاية لا نملك سوى قلم يعد استثمار حقيقي و هناك من لديه رغبة في أن يقال عنه الشاعر أو القاص أو الروائي الفلاني فلماذا لا نبيع هذه النصوص و نستثمر قوت سنوات في ظل ارتفاع أسعار الخبز و بهذا لن يموت الشاعر فقيراً و لن يعيش القاص وحيداً و لن يتجنب الناس الروائي كي لا يكتب عنهم !
سأرسل هذه الكلمات لمجموعة أود أن اعرف رأيهم .. إذا قلت مثلا أن القصة تحتوي على ألفين كلمة و أن سعر الكلمة في ظل ارتفاع أسعار الحلم أيضا أصبح بـ10 ريالات فهل .......!؟
ما الذي يدفع الكاتب للتمسك بنتاجه الأدبي !؟
**مقال كتب عام 2007، ذكروني به اليوم فبحثت عنه وأردت مشاركتكم إياه :)
الأحد، 14 نوفمبر 2010
الثلاثاء، 2 نوفمبر 2010
الأحد، 31 أكتوبر 2010
بطاقة العمل و rat race !
في اسبوعي الوظيفي الأول، عرض عليَّ مجموعة كبيرة من معارفي شراط/حبل رقيق لتعليق بطاقة العمل حول الرقبة، بعضها ملون وبه شعارات وبعضها أسود أو بلون واحد بدون أي شعارات!
شكرتهم للطفهم وأخذني الخجل على قبول واحده سوداء –كما أتذكر- ولم استخدمها! فضلت تثبت البطاقة على العباية مباشرة لكن مع الوقت أصابتني العدوى فعلقت عليها البطاقة بواسطه تلك الشريطة وعينك ما تشوف إلا النور –على رأي أهل مصر- فقدت بطاقتي مراراً ومراراً وتكراراً إلى حد لا يمكنني وصفه!
قبل كتابتي لهذه الكلمات جاءت زميلة لي ومعها بطاقتي التي نسيتها في مكان ما-لو كنت أتذكر أين لما قلت أني نسيتها!-
لماذا لا أحبها؟ أو لماذا أبغضها!؟
الاساور والقلادات انعكاس لحس العبودية القديم بصورة جمالية، فالشبكة التي يهديها العريس للعروسة-وتصر بعض المجمعات على أن يقلدها إياها- ما هي إلا انعكاس –معنوي- لفكرة استعباد/تقييد الزوجة من قبل الزوج.
-مهلاً ،، مهلاً ،، هنا أعرض أفكاراً ولا أتبناها بعضٌ الصبر فقط-
ماذا عن بطاقة العمل؟!
هذه تعبر وتعكس عبودية/تقييد الإنسان الحديث بعمل المؤسسات وقوانينها! فعندما يدخل الإنسان إلى rat race أو سباق الفئران للحصول على راتبه نهاية الشهر ثم الركض لنهاية الشهر القادم معلقاً تلك البطاقة حول رقبته فـ.....
نعم نبدع في العمل، نعم نستمتع بوظائفنا ، لذلك لا تعَّبر هذه البطاقة عن تقييد أو استعباد بالنسبة لي لكنها تعكس هذه الفكرة لدى البعض للأسف! أخرج هذا الحبل/القيد من حول رقبتك وارفع رأسك عالياً وابتسم للحياة، لا تجعل ثِقَل ذلك الحبل يمنعك من رؤية الأفق.
أما الشبكة يا عزيزتي فهي هدية أو عربون ود-فقط تأكدي من تطابق رأيك فيها مع من يقدمها لك-
إيمان..
الجمعة، 29 أكتوبر 2010
بــوح أحـلامي لينكس!
نعم لينكس غير اجتماعي! والدليل أنني أحاول منذ نهاية أغسطس اقناعه بالتصالح مع وندوز والتعرف عليه لكنه يتمنع!
لم أتوقع أن اصبح مدمنه عمل في يوم ما! لكني فقط لا استطيع أن أتوقف عن التفكير في هذا اللينكس الإنطوائي الكتوم!!؟ جربت 3 طرق ونجحت في طريقة واحدة لكنها ليست الطريقة "الأفضل" التي نرغب بها! كم يبدوا هذا مزعجاً بالنسبة لي!!
أحيانا بدون سابق إنذار يتسلل هذا اللينكس المدلل إلى تفكيري ويعبث بأوراقي، رغم محاولاتي لفصل وقت العمل ووقتي الخاص فلا أخلط هذا بذلك إلا أنه ينجح!
صباح الأمس كنت أطلع على كتاب "مسألة الهوية،، العروبة والإسلام..والغرب" للدكتور محمد الجابري، وفي وسط انشغالي بمقدمة الكتاب، ومحاولتي لتدوين بعض النقاط التي شدتني فيه، تذكرت أني لم أدون التغيرات التي جربتها مساء الأربعاء في اللينكس الخجول! وخشيت أن أنساها رحت أدون ما أتذكره وتركت الكتاب!!
أقصدكم بأن هذه المهمة ليست من "الواجبات" المسندة إليَّ في العمل! إنما فضولي التقني يدفعني للبحث عن حل وتجربة كل ما يمكن تجربته في هذا المجال! نعم أعرف أن البعض سيضحك ويقول "هو نحن لاحقين على شغلنا عشان نجرب" !
متعة التجربة تساعدني على الابتسام رغم بعض الخيبات التي تحيط بي لكن لما لا أجرب!
***
2- اجتماع و"نحن نصنع التاريخ"
من المواقف التي أضحك لما تذكرتها هو إنفعالي في أحد الاجتماعات قائلة "نحن نصنع التاريخ" “we make history” !
يصعب الإنفلات كلياً من كونك شخصية تعشق الثقافة والإبداع الذي يتطلب تجديداً وبين كونك شخصية تقنية تتبع أنظمة وقواعد محددة للوصول إلى أهداف محددة أيضاً!
***
3- ترف ...
ما جدوى الركض وراء الثقافة والعلوم إذا كانت لا تهب صاحبها الراحة؟ بل تزيده شقاء؟!
صدقت أحلام مستغانمي حين قالت"الأمية ترف يصعب الحصول علية"
الأربعاء، 6 أكتوبر 2010
1_ قصقصة أميرة.net
********
اتصلت به لم يرد، أرسلت له "سيارتي لا تعمل المحرك لا يستجيب" وراحت تبكي حين لم يرد عليها، بعد ساعة أرسل لها "أكيد ما فيها بترول، خلي أي حد بالشارع يساعدك، نعسان تو بنام"
تذكرك كل قصص الأميرات وكيف ينقذها فارسها ويحملها معها على ظهر حصانه، وفارسها الأعزل هذا يفضل عليها النوم!
هل كان على سيارتها أن تتوقف لتعرف أنها كانت تنتظر للشخص الخطأ؟
راحت تفكر، ماذا لو لم يكن هو؟ ماذا لو كان قلبه متعلقاً بأخرى؟
كان يعيد شحن بطارية سيارتها وهي تتخلى عن ابتسامتها وأملها مخافة حبه
((بعدك تنتظري ما جاني نوم أجيك؟))
أرسل لها من تعرف أنه يحبها "بطريقته"
*******يتبع ..
مصدر الصورة
الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010
رأســي مـسـتـعـار..
عبثاً أُحاول إقناعهم بأن القصة هي من تكتبني و تذبحني أحياناً!
عبثاً حاولوا إقناعي بأن اكتب قصة لأُشارك بها في مسابقة!
لكن ,,, على ما يتسابقون؟ أعلى الإقناع أم على الإيجاع؟ أعلى الواقع الخصب أم الخيال الأصم ؟ أم على خليط بين هذا وذاك بنسبة متفاوتة محاولين فيها استماله لجنة التحكيم !
أنا لن اكتب لهم قصة أو على الأقل لن أُقنِعَ قلمي بضرورة الكتابة وهنا تذكرت تلك المحاضرة الشيقة عن كتابة القصة التي ألقاها أحد الأساتذة العام الماضي
- " كل ما تحتاجه لكتابه قصة قـَلم لا يهم قيمته و دفتر و رأس متعطش للفكر"
بدأ الأستاذ محاضرته بهذه الكلمات و أكمل يقول ...
- " بإمكانك أن تستعير القلم و الدفتر أيضاً و لكن الرأس هو ما لا يُستعار , إذا كنت بلا رأس فأنت قصة كاملة مختومة بشمع احمر ملكي ! فلا داعي لأن تكتب قصة أو لأكن اكثر وضوحا لا تحاول فالمحاولة أياًّ كانت ضرب من الجنون ! لا تحاول فحماقة منك أن تحاول و حماقة أيضاً أن لا تحاول فعش بين الحماقتين إذاً!"
اكتفيتُ بإظهار علامات الدهشة و وجع المعرفة على وجهي ليعرف الأستاذ كم أتابع بشغف حديثة ! فتابع قائلاً:
- "بعد أن تتأكد من وجود المواد الأساسية لعملية الكتابة " القلم و الدفتر و الرأس " علما بأنكم تستطيعون الاستعانة بالكمبيوتر عوضا عن القلم و الدفتر و لكن الرأس لا يعوض و لا يستعار تذكروا ذلك جيداً"
و أنا اذكر هذا المقطع من المحاضرة تساءلت " ترى ماذا تفعل لجنة التقييم ؟ أتقيم نوعية الحبر المستخدم و الورق أم الرؤوس التي كَتَبت تلك الحروف ! الله أعلم بما تـَفَعـلُ فعلاً! لأعد للمحاضرة التي أكد فيها الأستاذ بأن الكتابة بلا رأس مستحيلة!
- "الدرس الأول والأوحد في الكتابة هو تحديد ماهية القلم بالنسبة لك أهو أداة جَرح و نَبْش أم تضميد وستر؟! إذا أجبت بالإجابة الثانية "الستر" فدع عنك فكرة أن تصبح كاتباً فأنت رواية مختومة منشورة !"
إلهي ماذا يقول هذا الأستاذ ؟! كيف يحكم هكذا علينا بأننا روايات مختومة و منشورة !ما يقدمه بعض الأساتذة من إحباط للطالب يكون أحيانا اشد وقعا عليهم و تأثيرا في أدائهم من أي شيء آخر بقدر يصعب تخيله ! أعاننا الله عليهم ! أعانهم الرحمن علينا..
- "الكتابة عملية جرح ونبش.. قد لا تفضحك الكلمات أحيانا بقدر ما تفضحنا أحيانا مسافة بين كلمة و لأخرى تقول أسرارا ًما كُنَّا نبغي أن تـُباح للأعين! تَفضحنا أصوات صمتنا و أنين سكوننا بين الفتحة والضمة لكأن الصمت اغتيال و كأن الهمس ولادة للفشل!!"
رافعا يدي :
- "عذراً أستاذ هل لي بمداخلة صغيرة ؟"
بحركة من يده يسمح لي ..
- "أن تصف الكتابة بعملية نبش وجرح لهو أمر يصعب علي فهمة باعتبار أن الغزليات و المدائح أيضا نوعٌ من أنواع الكتابة؟!"
مشيراً إلى عنوان كتب في بداية المحاضرة على اللوح
- "أنسيت أننا نتحدث عن كتابة القصة !"
يفضح الأستاذ شرودي الجزئي
- و لكنك صورت الكتابة كعمل وحشي !
- إذا لم تكن الكتابة وحشية فما هو الوحشي إذاً؟! الكتابة هي تحرير الواقع من أقنعته و في محاولة التجريد هذه قد تُجرح أوجهه الواقع فتظهر مشوهة ًأكثر مما هي عليه و هنا تظهر إمكانيات الكاتب وقدراته على نزع الأقنعة بلطف كي لا يزيد الواقع تشوها.
- إذا الكتابة في نظرك واقع و ليست خيال؟
- الكاتب الذي يظن نفسه خيالي 100 بالمائة هو كاتب يخدع نفسه بلا شك و يوهما بذلك فكل خيالنا مبني على واقع و كل واقع مبني على خيال أيضاً فكما يقال "الواقعي هو الخيالي الأكيد"
أوحيت للأستاذ بأن استفساراتي انتهت بعد أن أزعجني زميلي برنتين متتاليتين على هاتفي النقال أثناء مناقشي مع الأستاذ كي انهي حواري لأن وقت المحاضرة انتهى !
أذهب الآن لأقرب قرطاسيه لأشتري دفتراً و قلماً فرائحة الحبر أعشق لا أصوات لوحة المفاتيح , في محاولة مني لتطبيق المحاضرة ! اتخذت لي ركناً أيمن كعادتي في المكتبة لأبدأ في كتابة قصة لعلي أُشارك في تلك المسابقة المعلن عنها , مستعيداً ما قاله الأستاذ في تلك المحاضرة " تحديد ما هيه القلم " ,"سيكون جارحا بإذن الله و نابشاً " قلت في نفسي و أنا افتح الدفتر, قلمٌ أزرق جاف يسيل حبره كلما احتجت إليه فقط مطيعاً صادقاً غير كسول! و دفتر لا يزيد طوله عن شبر و نصف و عرضه حوالي شبرٍ أيضاً
ماذا تبقى لي لأكتب ؟!
امسك بالقلم و أحاول وضعه على الورقة الملساء
فيأبى
اكرر المحاولة
فيأبى أيضاً
فتذكرت عندها أن أحدهم استعار رأسي ذات يوم ولم يعده إلى الآن ..
فكيف أكتب!؟
أكتوبر 2004 م
إيمان فضل
الجمعة، 17 سبتمبر 2010
Outliers, the story of success by Malcolm Gladwell
Outliers deals with exceptional people, especially those who are smart, rich, and successful, and those who operate at the extreme outer edge of what is statistically possible, said Bill Wadman at TIME, which is also the best definition of who is an outlier.
السبت، 28 أغسطس 2010
أريد كتاباً مبهجاً..
لماذا نفضلَّ الكتب الحزينة التي توجعنا لحد مشاركة أبطالها البكاء أو التباكي!؟
بعض الروايات تضرب على وتر حساس فلا تستطيع إلا تعيشها بكل كيانك فكرك ومشاعرك لحظة لحظة، دمعه دمعة، قالت لي صديقة: أعرف مزاجك جيداً من قراءاتك!؟
في الحقيقة هو ليس مزاجي بقدر ماهو متوفر وتقدمة الكتب!
"أريد كتاباً مبهجاً، ماذا تقترحون؟" رسالة قصيرة أرسالتها لمجموعة ، ولم تكن بعض الردود متوقعة-فالصمت أول توقعاتي وآخرها- فبضع الأسئلة لا تجد إجابات!
أ "ليس هناك ما مبهج "! أبحث عن كتاب مبهج، فماذا تقترحون؟
الجمعة، 13 أغسطس 2010
الاثنين، 9 أغسطس 2010
السبت، 7 أغسطس 2010
ضفدعي الأعرج والاوريغامي
بما أن أخوتي لا يعرفون القفزة الصحيحة المتوقعة من ضفدع الاوريغامي فقد أبهرهم ضفدعي الأعرج الذي يقلب نفسه! وتملك الدهشة أعينهم وهم يراقبون عرضي، ثم طلبوا مني أن أعلمهم كيف يصنعون ضفدعا، هكذا أصحبت -على الأقل في نظرهم- صانعة ماهرة للاوريغامي وعلمتهم كيف يصنعون ضفدعاً تقلب نفسها! عملتهم على أمل أن يتقنوا صنعها ذات يوم وتقفز!
لنحاول جميعاً إدخال أنشطة جديدة للأطفال في الصيف، لنستغل كل فرصة لإغلاق التلفاز والألعاب الإلكترونية الأخرى ولنشاركهم اللعب، لنتعلم معهم مهارات جديدة، أو نعيد اكتشاف مهارات سابقة تعلمناها، لنؤمن بوجود موهبة بداخل كل طفل وتبقى مسؤولية من حوله اكتشافها.
اكتشفوا مواهب أطفالكم ولو بصنع ضفدع أعرج يحاول القفز!
إيمان فضل
2010-06-30
مصدر الصورة
الخميس، 22 يوليو 2010
الوظيفة: مهندس..!
(1)
بخرتني أمي ببخور رخيص اشتريته من طفل كان نائماً عند محطة الوقود، أخذت أمي ترتل المعوذات وأدعية عديدة قبل أن ألفتها بأني سأتأخر على التاكسي الذي سيوصلني للمقابلة “الله ينصرك، الله ويوفقك، الله يرزقك الوظيفة اللي ترفع الرأس..”
نعم الوظيفة اللي ترفع الرأس، خرجت من البلد مع آذان الفجر، صلينا مع سائق االتآكسي وإنثنين بمسجد مهجور في الطريق، دعوات أمي كانت مهمة لي “الوظيفة اللي تفرع الرأس” هذا ما أبحث عنه، راجعت أوراقي ومؤهلاتي مع خيوط الشمس الأولى..
بكلوريوس هندسة إلكترونيات بدرجة امتياز، تدريب 6 أشهر في شركة “و”، ومجموعة شهادات تقدير من الكلية وشركة “و” التي تدربت فيها قبل أن أتركها منذ ثلاثة أشهر تقريباً!
وصلت لشركة “و.ن” مبكرا ،ًانتظرت في الاستقبال إلى أن صاح بي أحدهم “مدير الموارد البشرية ينتظرك..”
دخلت وأنا أشعر بصدى صوت أمي يرافقني ..
(2)
تدربت في شركة “و” لمدة 6 أشهر، وعملت بالمثل القائل “قد يوظفوك بعد التدريب لا تتعجل”، هم لم يكلفوا أنفسهم بدفع مبلغ 10 ريال التي كنت أستلفها من ابن جارنا لإيجار الشقة التي أتشاركها مع وافد! 10 ريال في 6 أشهر تساوي 60 ريال دين على رقبتي، لم أخبر بها أهلي، ناهيكم عن المصايف الأخرى للتاكسي والطعام وغيره! ولن أتذمر وأقول أني كنت أعمل للساعة السابعة ونصف مساءاً كل ليلة وأنجز ما لا ينجزه أصغر موظف لديهم، حسناً ستقولون بي حماس الباحثين عن عمل، وستقولون بي حماس الخرجين لكن شهادات التقدير تحكي ما لا أحكيه عن حالي!
توقفت عن التدريب حين سألت موظفاً في الموارد البشرية عن موعد توظيفي فأخبرني بأني لست من المرشحين للتوظيف لأن مدير القسم ينتظر تخرج ابن أخته الشهر القادم والوظيفة محجوزة له!
(3)
تفتت أحلامي كقطعة بسكويت بيد طفل! لم تسود الدنيا في وجهي فقط كما يقول البعض لكن حتى رفيق الغرفة كان باكياً شاكياً بلغة التي لم أفهم نصفها، حاولت أن أعرف منه ما حدث معه وبصعوبة فهمت أن أمه في المستشفى وأنه يريد العودة لبلده، ولأنه “هارب” فعملية عودته صعبة حالياً، جلست معه لأول مرة منذ 6 أشهر يشكي فأسمعه أشكو فيسمعني..
لم يمض يومان حتى حللت مشكلة الرفيق وحزم ماله ليعود لبلاده، وما كان منه وهو يودعني سوى أن يترك لي عدة العمل الخاصة به وهو يقول.. “هذا مشان أنت، أنت نفر واجد زين، روح شركة وسوي شغل سالري واجد زين” ومد لي بطاقة بها اسم مدير الموارد البشرية في شركة “و.ن”..
لم تكن عدة العمل التي تركها لي رفيق سوى “دلو وخرفة بالية ومساحة زجاج”، ظننته أن يعمل على غسل نوفد الشركة، إلا أن اتصالي في الصباح بمكتب مدير الموارد البشرية أكد لي أن الرفيق يغسل سيارات موظفي الشركة! وأكد لي منسق المدير إن الشركة ستكون سعيدة بعملي مكانه بشرط المحافظة على السعر 5 ريالات لكل سيارة في الشهر بواقع 150 سيارة، إضافة إلى ريال لمن يطلب مني تنظيف سيارته من الزوار وسأحصل على وجبة مجانية من الكفتيريا يتكفل العامل هناك بإحضارها لي..
“سأفكر ..” وأغلقت السماعة..
(4)
خمس ريالات لمائة وخمسين سيارة توفر لي حوالي 750 ريال كل شهر! فلِـمَ لا أوافق!
حرصت على تلطيخ وجهي بتراب ونفش شعري كي لا يَتعَّرف علي أحد، أخذت الماء من مسجد مجاور وبدأت العمل، كنت أغسل كل السيارة مرتين كل أسبوع، كان العمل شاقاً في البداية إلى أن اعتدت عليه، هناك أكثر من 150 سيارة لكن البعض يرفض أن أقوم بغسل سيارته ويطلب مني غسلها في أوقات متفرقة من الشهر، أصحبت أغسل ما يقارب 3 سيارات لزوار كل يوم أي ما يقارب 60 ريالاً إضافياً كل شهر..
راتب 800 ريال كل شهر هو أكثر مما حلمت به، لكن أمي لم تكن بذات سعادتي حين شرحت لها “طبيعة عملي” كمهندس غسيل سيارات..
إلا أني وجدتها فرصة للتقرب من مدير الموارد البشرية، الذي كنت أحرص على غسل سياراته يومياً، وكنت أبالغ في غسلها مرتين في الأيام التي أسأله فيها عن صحته والعمل والعلوم.. من هذه العلوم شكوت له بحثي عن عمل لعامين ونصف فوعدني خيراً بعد أن سلمته في اليوم التالي أوراقي … ووصلني اتصال من منسقه لمقابلة شخصية للعمل في الشركة..
(6)
-السلام عليكم..
-وعليكم السلام، هذا عقد العمل أنا خلاص وقعته بطلع الآن خلي سالم يكمل معك الإجراءات..
كان سالم الموظف المهندم يرتب بعض الأوراق على مكتب مديره، ابتسم حين رأى الدهشة تقطر من وجهي، فقد جئت لمقابلة ولم أتوقع أن أجد عقد العمل جاهزاً!
-مبارك عليك الوظيفة أخوي، أكيد واسطتك قوية ما شاء الله..
-الله يبارك فيك، توقعت أني داخل مقابلة لكن الحمد لله..
-الحمد لله، الآن عليك تشوف العقد وتوقع عليه قبل ما تستلم الوظيفة اليوم..
قلبت الأوراق بين يدي، تعليمات ومعلومات حول الشركة وحقوق الموظف والشركة وكلام لا يهمني الآن الأهم هو “كـم؟”، ترددت قبل أن أسأل سالم الذي تحول لترتيب بعض الملفات في مكتبة المدير..
-عفواً أخوي وين أحصل الراتب؟
ضحك وقال …
-الراتب آخر الشهر في البنك
يظن هذا السالم أن روح الدعابة مرتفعة لديه، لم أستطع مجاراته والضحك معه فقام من مكانه وفتح لي الصفحة الأخيرة وأشار إلى رقم كتب بخط أحمر.. 350 ريال!
___________________
بقلم: إيمان فضل
نشرت في صحيفة سبلة عُمان الإلكترونية
الخميس، 8 يوليو 2010
على الرَّف: البط الدميم يذهب إلى العمل!
هذا الكتاب الفريد من نوعه يجمع بين قصص الأطفال الخيالية وبين علم الإدارة، ويقدم لنا كتاباً يصلح لكل أفراد العائلة، الغلاف الطريف قد يدفع الأطفال حولك للسؤال عن الكتاب، فلا تقلق فستجد ست قصص أطفال موزعة في ستة أقسام من الكتاب، يمكنك بكل بساطة أن تقرأ إحدى هذه القصص للأطفال، وما أن تصل إلى آخر صفحات القصة حتى تبدأ رحلتك في عالم الإدارة وترى كيف تنطبق هذه القصة على حياتك العملية!
يقدم الكتاب مجموعة من قصص الأطفال للكاتب الدنماركي هانز كريستيان أندرسون، إذ تأتي القصص كمقدمات للفصول، يستطيع القارئ اختيار قراءة القصة كاملة أو ملخصها ثم تقدم له ميتي نورجارد تطبيقات هذا القصة بمجال العمل، رغم إشارة ميتي أنها قامت ببعض التعديلات البسيطة على القصص إلا أنها لم تتعدى مسألة تصحيح ترجمات القصص السابقة لأندرسون التي يعرفها الكبار والصغار.
من القصص التي يحتويها الكتاب قصة "ملابس الإمبراطور" المغرور الذي لم يكن يهمه سوى مظهره الخارجي، شاركت حاشيته كلها في إهالته بكلمات المديح، وموافقته على كل ما يقدم عليه، كذلك كان شعبه المسالم الطيب يحيه ولا يتوقف عن مدح أناقته، إلى أن يقرر نصابان النصب عليه بحياكة قماش عجيب لا يراه إلا الأذكياء والأكفاء بمناصبهم! تضرب كلمة مناصب على الوتر الحساس لكل موظف شَقى حتى يصل إلى منصبه، لكن ما يفقده بعد ذلك المنصب هو السعادة والراحة لأنه –وكما نلمس من القصة- أصبح يخاف المعارضة ويسعى للتوافق، خاصة التوافق من هم أعلى منه مرتبة فيؤثر السلامة، تقول ميتي "كثيراً ما تكون الحاجة المادية سبب هذا الخوف، فعندما تثقلنا الديون وتقل الفرص بسوق العمل، نشعر بالضعف ونؤثر السلامة"*، هذه الإستراتيجية تبعدنا عن تهمة "الغباء" –إذا اعترفنا بأننا لا نرى القماش، أي عبرنا عن أفكارنا- كما تؤكد أننا "أكفاء بالمناصب" لتشعرنا ببعض الراحة المزيفة.
أهم درس تقدمة "ملابس الأمبراطور" هو "ضرورة أن ينظر كل واحد في أجندته ليعلم هل هو المتحكم فيها أم غيره، فالحرص على التوافق يجعلنا نعيش طبقاً لأجندة أناس آخرين"*، وهنا تكمن خطورة بالغة، إذ يصبح تصبح حياة المرء محاولة لإرضاء توقعات آخرين، فنقد شيء فشيء الملامح الشخصية للفرد ونفقد لمساته الخاصة وقد يفقد معتقداته التي يؤمن بها ، يقوده إلغاء صوته الخاص وشخصيته بشكل تدريجي إلى يصاب بالإحباط الشديد بل بالخيانة إذا لم ينل الترقية التي توقعها أو لم يوافق على مشروعة المقترح لأسباب اقتصادية أو غيرها! فيتكشف أنه أضاع سنوات وسنوات من عمره وفقد نفسه، تقول ميتي"الأفضل من ذلك كله أن نستعيد أجندتنا الشخصية، أن نختار العمل الذي نعشق، العمل الذي نجيده أكثر من غيرنا، فنتيجة ذلك أن المرء يشعر أنه مسؤول بالفعل لا بالوكالة. والأهم من ذلك كله، أننا نرتقي إلى مستوى عالمي، ونجني من ذلك متعة كبيرة"*.
هكذا قدم الكتاب قصص أندرسون وتطبيقات الحكمة التي يطرحها في بيئة العمل، يبحر بك الكتاب إلى أفكار مواضيع عديدة لم تخطر ببالنا في طفولتنا أثناء مشاهدة هذه القصص على التلفاز، منها تشبيه إحساس الموظف الذي يعاني من التمييز ضده لأسبب عرقية أو دينية أو جنسية بقصة البط الدميم، ذلك البط الذي عانى الكثير بسبب تمييز وتلفتنا الكاتبة بتطبيق قصته إلى خطوة التمادي في النقد الذاتي ضرورة الارتقاء بنظرتنا إلى أنفسنا.
كتاب "البط الدميم يذهب إلى العمل" الصادر عن مكتبة كعيبان يحتوي على ست قصص تجمع بين التحذير والتحفيز للموظف قدمها الكتاب مع ست تطبيقات خاصة بكل قصة، عرضت جميعها بأسلوب شيق ممتع، وجمعت بين ما توصل إليه علم الإدارة الحديث مع قصص أندرسون للأطفال، مثيرة بذلك خيال القارئ موقظة حنين بداخله إلى أهدافه الحقيقية فـ"من المحزن أن بعض الناس يضحون بالأشياء التي يحبونها مقابل أشياء بدت لهم ذات قيمة في وقتها وما يلبثون أن يكتشفوا أنهم أجروا صفقة خاسرة*" فالساعي وراء حلمه سيحققه ويتعلم منه، وجدت في الكتاب مجموعة أفكار تستحق المناقشة في بيئة العمل وحتى في المنزل طرحت بأسلوب سلسل سهلة الاستفادة منه.
أخيراً اخترت لكم مجموعة اقتباسات من نقاط تستحق التفكير وقد جاء في خاتمة كله فصل..
• ما مشروعك الإبداعي؟ ما الأشياء التي توسع حدودك وتنميك؟
• متى كان آخر خطأ ارتكبته؟ وهل كان همك تعديل صورتك أمام نفسك؟
• ما الذي يبعثر طاقتك ويشتت انتباهك عن مصر قوتك، وما الذي ينبغي أن تقول له "لا"؟
*الاقتباسات عن كتاب البط الدميم يذهب إلى العمل لـ ميتي نورجرد، ترجمة د.شكري مجاهد
إيمان فضل
2010-04-20
مصدر الصورة
الخميس، 1 يوليو 2010
عش للعصافير و الكلمة!
الثلاثاء، 29 يونيو 2010
COPY and PASTE
تمثل الأبحاث و التقارير الطويلة للبعض ما يشبه الكابوس الثقيل الذي لا يفيق منه حتى يرى بأم عينه الدرجة التي حصل عليها بعض بعد إطلاع الأستاذ عليه! كانت مقررات اللغة الانجليزية هي أول عهدي بهذه التقارير التي تطلب منا بين حين و آخر، و الحق يقال أن نسبة كبيرة من هذه التقارير لم تكن نتاج أقلام الطلبة أنفسهم، كل شيء يتم عن طريق Copy & Paste و لسان حالهم يقول “الله يخلي الانترنت”، بهذه الطريقة عدنا بعقول عمان المستقبل إلى صفوف الروضة و التمهيدي حيث كان على الطالب قص صورة تبدأ بحرف الكاف و إلصاقها كواجب منزلي فأصبحت تقارير الطلبة الجامعيين عبارة عن قص و لصق أيضا!!
في أحد مقررات الكلية للغة الانجليزية حالفني الحظ للدراسة مع Mr. Ivory و كانت تلك هي تجربته الأولى للتدريس خارج وطنه كندا و التجربة الأولى لي في الدراسة على يد أستاذ عاجي مثله، بين تجربته الأولى وغرابة طريقته تعلمت معنى السرقة! أن تأخذ كلمات الآخر و تنسبها لنفسك هي السرقة التي يرتكبها عدد من التلاميذ في المدارس و الكليات للأسف! حاول Mr. Ivory أن يخرج أفكارنا و كلماتنا رغماً عنا فكان امتحانه الأول لنا أغرب من الخيال الذي حاولت أن أغوص فيه لعلي أفهم كيف يفكر هذه الأستاذ! فرقنا طاولات القاعة الدراسية فور وصولنا لها و قام Mr. Ivory حينها بوضع عدد من العلب و الصناديق على طاولته و قام بتوزيع أوراق الإجابة و كان السؤال بسيطاً في كلماته مثيراً للضحك على مصيبتنا فيه describe and compare! حيث توجب علينا وصف 15 زجاجة و صندوق و المقارنة فيما بينهم ثم أضاف مسطرة طويلة على الطاولة لمن قد يحتاج لها! رغم أني كنت و مازلت أشكو أحيانا من ضعف ذاكرتي إلا أنني مازلت أتذكر تلك الطاولة جيداً، فعلبة العصير الفارغة كانت تحتل الجانب الأيمن و زجاجة الزيت النصف ممتلئة و النصف فارغة كانت عن يسارها، زجاجة للماء من شركة معروفة تصنع المشروبات الغازية أيضا كانت تتوسط الطاولة، بينما احتلت علبة بلاستيكية شفافة أحد زوايا الطاولة تنام إلى جانبها المسطرة الخشبية الطويلة التي يقارب طولها 30سم!
طلب منا كتابة 50 وصف و مقارنه لما نراه أمامنا على الطاولة، لم نملك الوقت الكافي لابتلاع دهشتنا فالوقت ليس الصديق الأمثل في مثل هذه اللحظات، قام طالب وحيد بقياس طويل و عرض بعض العلب الموجودة على الطاولة بينما اكتفيت برسم تخطيطي للطاولة و ما عليها و قمت بترقيم العلب ليسهل علي المقارنة بينهم و بين وصف و آخر وجدنا أنفسنا مجبرين على كتابة ما نراه و ما تعلمناه بالفعل، لم أستطع أن أكتم ابتسامتي أثناء كتابة الامتحان لأني لم أتوقع أن أجد نفسي مجبره على عصر كل ما عندي في كتابة مقارنه بين 15 زجاجة وعلبة!
بعد هذا الامتحان خيرنا بين عناوين مقترحة للبحث الذي سيحمل 50% من درجات المادة، حدثنا يومها عن كلمة جديدة علينا و هي “Plagiarism” التي تقابل في المعنى مصطلح السرقة الأدبية، لم يكن من السهل علينا تقبل فكرة أن يأتي أستاذ من الجانب الآخر من الكرة الأرضية ليقول لنا و بكل وضوح ما كنتم تفعلونه يعتبر سرقة! الدهشة سكنت أعيننا و نحن نتفحص أصابعنا و أيدينا التي لم تقطع أثر سرقة كلمات الآخرين و تأكدنا حينها أن عقولنا هي التي قطعت حين سَرقنا بغير قصد و عن قلة فهم كلمات من الانترنت و نحن نقول “يسلم لنا Google ” و نعترف ببساطة بين زملائنا بأنه كله ” Copy & Paste” !
كما يعرف الجميع فالكتابة هي انعكاس لشخصية الإنسان و لثقافته و علمه و كان هذه هو الفخ الذي نصبه Mr. Ivory لمعرفة السارق و القبض عليه!
أنجزت البحث المقرر للمادة و بعد مراجعته Mr. Ivory كدت أكذب عيناني بما نقلت لي حين رأيت الدرجة التي منحني إياها في عليه! كانت أقل بكثير مما توقعته مما دفعني لسؤاله عن الأسباب لتأتي إجابة لم أتوقعها أيضا.
“I don’t feel that this is you! It does not look like Iman”
لم استطيع أن اخفي تعجبي من الإجابة و شرحت له أني أقوم عادة بمراجعة الأبحاث المطلوبة مني مع والدي العزيز و يصحح لي ما يراه من أخطأ و يعيد معي صياغة بعض الجمل التي لا ترضيه، حينها أضاف لي بعض الدرجات لأني أعتمد على أستاذ آخر-على حد تعبيره- مما يفسر له قليلا مستوى البحث الذي يشك فيه! أضاف لي بعدها أن المناقشة المقررة للبحث الأسبوع القادم ستحدد الدرجة النهائية للبحث لأنه سيكشف له الكثير و كان له ما أراد.
كانت تجربتي الأولى في مناقشة بحث و حاولت فيها أن أكون “إيمان” فقط كما ظهرت في البحث من خلال أسلوب النقاش و طريقة تسلق جبل الفكرة للوصول إلى قمة المعلومة التي تأخذ بالاستنتاج و بين المرح و مشاركة الطلبة حصلت على الإبهام المرفوعة لأستاذي العاجي و ابتسامة رضا عنت لي الكثير يومها!
حاولت بعدها أن ابحث أكثر عن موضوع السرقات الأدبية و القانون المتبع في بعض الكليات لمحاربه هذا النوع من السرقة، حيث شدني القانون المتبع في كلية مجان الجامعية الذي يمنح الطالبة درجة رسوب في كل المواد الدراسية لذلك الفصل إذا قام في سنة الأخيرة بسرقة جملة واحده فقط في أحد المقررات بدون توثيقها توثيقاً سليماً على طريقة HARVARD التي تدرس للطلبة هناك و يطالب الجميع بإتباعها و تستخدم الكلية برنامجاً خاصاً ليكشف السرقات الأدبية خاصة تلك التي يأخذها الطلبة مباشرة من الإنترنت. بينما لا تهتم بعض الكليات لهذا الموضوع فأين الخطأ يا ترى؟ هل هو في نظام تعليمي قام على فكرت قص و لصقت حتى في الامتحانات النهائية فيحاسب الطالبة على إنقاص أو زيادة كلمة هنا أو هناك في إجابته؟ أم أن الخطأ في عدم فهم السرقات الأدبية كجريمة يعاقب عليها القانون؟ أم أن لكم رأياً آخر…
نشر المقال في الفلق
مصدر الصورة
الأربعاء، 23 يونيو 2010
It's not how good you are...
photo
السبت، 19 يونيو 2010
الـثـابـت الـوحـيـد
أكرهها تلك الباصات المتقابلة الكراسي ..
أ نتقابل هماً و غماً أم ألماً و حزنا ؟
أنفاسنا أتبعها السفر من وطن إلى وطن ..
هنا عند دوار مطار السيب الدولي المحاذي لمركز شرطة العذيبة أركب باص أجرة آه يا كم تأسر الأوطان ..
يسألني زميل الباص عن الساعة حسب التوقيت المحلي وبدا مغترباً فأطلب منه اختيار أي وجهة من الوجوه الأربعة لساعة الدوار يناسبه أكثر ..
أعزائي ..
إذا حدث أن قابلتموني يوماً بباص أُجرة متقابل الكراسي فليبتسم كل منكم قهره و لا تعطروني بخيباتكم!
لأكاد أبصم أن الهم ينتقل كالعدوى بيننا هنا!
ما صبرني على ركوب باص الأجرة سوى عشقي للمفاجئات ..
عدت أخيرا إليك يا وطني ..
رويداً أمشي في الحي باتجاه المنزل ساحباً ورائي حقيبة سفر أتعبها الترحال ..
كانت الشمس قد ودعت المكان وتبعتها بقايا خيوطها الحمراء ، لا شيء سوى أصوات بعض الحشرات تغني فتبعث فيَّ الذكريات ..
هنا تحت هذه الشجرة بكت أمي ذات يومٌ عليَّ خالتني ميتاً ! بعد أن رماني ابن جاري سعود بحجرٍ لأني رفضت إعارته دراجتي كنت طفلا عنيداً كأبي هكذا كانت تصفني أمي كلما أعادت عليَّ الحكاية!
فقدت الوعي عندها و سال دمي و دمع أمي ...
مازال حاجبي الأيسر مقطوعاً من أثر غـُرز الأطباء من ذلك اليوم ..
آه .. أماه .. انتظرتني كثيراً و ها أنا ذا أتيت ، وفيت بوعدي ، عدت حاملا شهادة تسكن الفرح في قلبك الجميل ، عدت حاملا أملاً بغدٍ أجمل ..
توقفت ..
أخذت ادخل الهواء إلى رئتي كما لم ادخله من قبل لكأني أرغب في كمية اكبر منه لتعينني على استقبل المنزل بعد هذا المنعطف ..
استدرت ..
دافئ كعادتك شامخ كعادتك مزدحم على غير العادة ؟!
عجباً...
سيارات كثيرة تحيط بالمنزل ، أهي احتفالية ما ؟!
هل ظهرت أسماء المقبولين في الجامعة و ظهر أسم شقيقي عبد العزيز معهم؟
أم ان عمرواً خطب أخيراً ؟
احدث نفسي و أنا امشي سريعا لعلي أحصل على ثواني إضافية من السعادة معهم ..
خيراً بإذن الله " اهمس لذاتي الباسمة "
أجر ورائي حقيبة سفر تعلق بين الحين و الآخر بحجرٍ من هنا و آخر من هناك ، لم يعد يهمني أمرها أن قطعت او سقط ما فيها فقد وصلت أخيرا إلى مبتغاي ، لن أسافر مرة أخرى بها فلا تعطليني يا حقيبتي الوفية ..
أمد يمناي إلى المقبض الذهبي لبابٍ اشتاق لمن يسكن خلفه شوق يرجف له قلبي ، أمدها ببطء لأستلذ بلحظات الشوق الأخيرة ..
يبتعد المقبض عني قبل أن تصل يدي إليه و يُفتح الباب !
لجزء من الثانية أُفكر .. أكانوا يعلمون بقدومي ؟
أ أخبرهم صديقي عليَّ بقدومي ؟
هل رأوني من النافذة ؟
أرفع عيناني عن المقبض و انظر إلى ما وراء الباب بشوق و لهفه رضيع للقاء أمه!
أرفع عيناني و انظر إلى ما حجبه الباب عني ..
.
.
.
أ أصدق ما لا يصدقه النظر ؟!
أ أكـَّذِبُ عيناني بما حملت ؟!
.
كيف كان لك يا قلب أن تحزر ؟
كيف كان لك يا عقل أن تفهم ما تحمله إليك عيني ؟!
نَعشٌ محملٌ على الأكتافِ
يلف بي الذهول كرتنا الأرضية و يعيدني إلى باب بيتي مشردٌ يتلحفهُ الذهول !!
نسيت كيف تنطق الكلمات .. أمااه تعالي و علمني مرة أخرى كيف تنطق الكلمات؟!
و علمني ما أقول في هذا الذهول!
أتراها ... أم أنه ... أيهم ... مَن يا حياه سلبتني في لحظة العودة الأخيرة ؟!
أتبدل الكلمات شيءً ؟!
وهل يقتل الصوت المشرد دهشة ً؟!
و تُحَل طسم النعش المُحَمَّل ؟!
أيا عقل أغثني بفكره للخلاص من الذهول الثـَمِـلِ بِالدهشات !!
حولت نظري المشلول يساراً عليَّ ألقى جواب سؤال نسيت كيف أنطقه و كيف أفكر فيه!
فإذا بنعش آخر تحمله الأيادي ليوضع على الأكتاف..
اقتربت كائنات ترتدي الأسود للملمه أشياء سقطت من حولي – عرفت بعد أيام أنها ملابسي التي سقطت إثر سقوط حقيبتي من يدي – لعمري أن سرعة الأرض ازدادت وفقدت الأرض توازنها ، أحاول أن أثبتها على الأقل تحت قدماي فقط ! فأعجز..
شقيقيَّ عمرو و عبد العزيز كانا صاحبي النعشين ، هذا ما فهمته من نواح نائحة بعد أن استعدت قدرتي على التفهم ..
"حادث سيارة " قالها رجل يربت على كتفي لم انتبه لوجوده ..
هدأت الأرض قليلا ً بعد أن نحروا فضولي المتيم بالمعرفة..
نسيت كيف أتمتم بكلمات العزاء أ أعزيهم على فقد شقيقيَّ أم اعزي نفسي؟ لمن أقدم العزاء ؟
لم يحضا العقل بفرصة لاستدعاء ذاكرته لعلها تذكره بما يقال في أرض الذهول!!
لم يكن في القلب أو في العقل شيء سوى الشوق أتيت محملاً به فكيف يرحلون؟ لمن اسقي شوقي ؟ لمن أطعم حبي ؟
أصريت أن ألقي نظرة و أقبل وجهيّّّ أشقائي بداخل النعشين قبل الدفن, أستنكر بعض الحضور طلبي ..
"هذا انتهاك لحرمة ميت " صاح أحدهم من بعيد واقفة آخرين..
فزاد إصراري ..
فلتسموه ما شئتم عناد أم غيره من الأسماء ، لم أشعر برغبة في أي شيء من قبل كرغبتي في تقبيل شقيقي و أنا العائد بالشوق إليهما..
طلب منهم الرجل الواقف بجانبي أن يدخلوا النعشين إلى الغرفة المجاورة و كانت غرفة مخصصة للضيوف ..
أتكون أول غرفة أطؤها في البيت عند العودة الأخيرة غرفة للضيوف!
لم ألحظ أن من ربت على كتفي كان خالي سوى بعد أن أدخلني إلى غرفة الضيوف مع النعشين !
ما ظننت يوما أن ينبض قلبي بعدكما أخوتي و قد كنت كالأب لكليكما !
تقدمت من النعش الأول و كان لعبد العزيز ,, كان الكفن بارداً ، أ تراه يشعر بالبرد وهو بداخله كما اشعر به ؟ شعرت بخالي يراقبني بأبوة عاجزة عن تقديم العون و ماذا يقدم لي الآن و قد فقدت شقيقي دفعه واحدة ؟ أ تراه يستطيع أن يقدم لي أخاً و هو التواق لطفلٍ يحمل اسمه ؟!
فتحت الكفن ..
نظرت الوجه المصفر الجميل ..
بسمه مسحت شفتاه الصغيرتان ..
ذقنه العريض به غرزتان و كدمة ..
فغرست على جبينه قبلتان وخده..
ودعوت ربي له بجنتين و رحمه ..
لم اشعر باقتراب خالي مني شعرت فقط بيد تربت على كتفي نبهتني إلى كلماته الأخيرة " نزيف بالدماغ "
أَغلِقتُ عيناني ..
وأُغلِقَ النعش ..
اتكأت على خالي أثناء نهوضي ، لم اعد أدرى أين ضيعت قواي ، أ يأخذ فتح نعش و تقبيل صاحبة كل هذا الجهد؟! ، هممت بالآخر فمنعني خالي و ضمني كمن يطلب اللجوء و السماح هزمتني و هزتني ضمته و همس " لا تفعل لأجلي "..
زادت رغبتي في تقبيل أخي الأصغر عمرو ..
أخرجني خالي من الغرفة و كنت كالطفل بين يديه وقال " انتهينا "
لم أكن أملك أن اعترض أو أن أقاوم ..
رأيت في عينَّي خالي ما لم أره من حزن من قبل كان وكأنه يحاول حمايتي من شيء ما أو حماية نفسه بمنعي ..
حمل الرجال النعشين و أنا أميز نعش أخي عمرو .. سرت معهم بقدمَّي فقط و قلبي معلق بنعش أخي و عقلي ثـَمِلٌ بأمي ..
سرنا سريعا لكأن الأرض تطلبهم فتُعَجِلُنا ، لكأننا نزفهم إلى أمل تحقق ..
راحوا يحفرون حفرتين و أنا انظر نعش عمرو لعلي اخترقه و اقبله !
انزلوا نعش عبد العزيز و أهالوا علية ثراً رطباً و بادراً .. أتراه يشعر بالبرد و هو هناك ؟!
طلب مني خالي بعينيه أن لا افتح نعش عمرو ..
رددت بعيني أيضا "آسف" ، نزلت حفرة حفروها لتكون قبرة و أنزلوا النعش ..
فتحته ، ردد البغض كلمات استغفار و استنكار لفعلي ، حاولت إزالة الكفن منعتني الظلمة من أن أرى أي تفاصيل لكن ولم تمنعني من أن افهم التفاصيل أعدته سريعاً ، و ارتميت على الكفن أضمه و ألملم فتات جسده ، و أخذت أقبل بألم موضعاً أخاله رأسه!
أغرق يا دمع قبر أخي ودفئ فتات جسده
لا تحرقه بدفئك فالدف أحرقه و قتله ..
"أفــاق"..
وجدت نفسي ممداً على فخذ خالي وهو يمسح على شعري و بينما يغسل أحدهم وجهي بماء فاتر و همسات تحمد الله من حولي ، سندني خالي و آخر معه ، حتى وصلت للمنزل شكرت الآخر لم اعد اذكر أي وجهه كان أو أي اسم يحمل ، لا ادري إن كنت شكرته بصوت وصل إليه أم لا فقد نسيت كيف تخرج الأصوات من الحناجر..
سنده الحائط الباكي علينا حتى وصلت إلى غرفة أمي ..
طرقت الباب مرةً وفتحته خشيت أن يُفتحَ قبل أن افتحه..
سُخف .. أ أصبحت أخشى انفتاح الأبواب ؟!
أ هكذا يزرع الخوف في القلوب؟!
أ هكذا ينبت الخوف في حياتنا ؟!
إيمان فضل 2005م
مصدر الصورة
الاثنين، 24 مايو 2010
No imagination no graduation
مشروع التخرج هو ذلك المشروع الذي يثبت فيه الطالب قدرته على توظيف ما اكتسبه خلال دراسته –من علم و مهارات- لإنتاج شيء جديد يعالج به مشكلة ما أو يقدم فيه فكرة جديدة. ترفع بعض الكليات-خارج السلطنة- شعاراً للمشاريع التي يقدمها الطلبة كمشروع التخرج متمثل في عنوان مقالي هذا”No imagination on graduation” فالطالب الذي لا يستطيع تخيل مشروع جديد في طرحه و فكرته لا يستحق التخرج، الطالب الذي لا يستطيع أن يوظف ما تعلمه خلال سنوات دراسته في حل مشكلة ما أو تقديم خدمة/فكرة جديدة لا يستحق التخرج.
لن أكون حياديه في هذا الموضوع لكني أسأل – فالسؤال باعث على البحث و محفز للتفكير- هل مشاريع التخرج التي تقدم الآن في مختلف جهات التعليم العالي تخدم الهدف من مشروع التخرج؟! أليس الأصل في المشروع إثبات و قياس قدرة الطالب على البحث و التطبيق و معالجة المشروع خلال فترة زمنيه محددة فلماذا تقبل مشاريع مكرره و قديمه نجد تقريراً مفصلاً عنها سلفاً في مكتبه الكلية!؟
قد تحصر الإجابات بين “الطالب” أو “الأستاذ” و كلٌ سيلقي باللوم على الآخر !
الحقيقة هو أن الجميع مشتركين في هذا الأمر، فالكليات عادة لا تملك ميزانيه لمشاريع التخرج -حتى الخاصة منها- فلا يستطيع الأستاذ أن يُطالب الطالب بمشروع يحتاج تمويل أو أجهزة فالكليات لا تملك الإمكانيات ! الطالب الذي لا يجد تحفيزاً أو دعماً لأفكاره لن يستمر طويلاً في محاولة الإبداع إلا من عَرِفَ معنى الإبداع الحقيقي و تذوق طعمه.
مشكلة الكليات -الإمكانيات- سيسهل حلها إذا ما تعاونت هذه الكليات مع مؤسسات الخاصة لترعى مشاريع التخرج و ستكون هذه فرصه رائعة لدعم و مساندة مشاريع الطلبة وهي في ذات الوقت تأكيد لدور تلك المؤسسات الخاصة اتجاه المجتمع و في المقابل ستتعرف هذه الجهات على عقول مبدعة ستكون بلا شك الاختيار الأمثل للتوظيف لديهم، فتكون تلك فرصة للجانبين للتعرف الذي طال انتظاره من قبل الطالب لشركات ستكون وجهته التي طال انتظارها بعد التخرج، فـ”هل تبحث عن موظف مبدع؟ ادعم مشاريع التخرج ستجد معنى الإبداع ..
على الجانب الآخر يأتي دور الطالب قتيل الإمكانيات و التحجر بعض المناهج! و كنت في حديث قصير لي مع زميله تسبقني بعام دراستي و كان عليها أن تقدم فكرة مشروع تخرجها أكدت لي “غاضبه” أنها طوال سنوات دراستها “لم تتعلم شيء” لذلك لا يمكنها أن تتخيل أي مشروع أو أن تقدم شيء جديد! ما زاد من حدة غضبها وفجره أن الكلية ترفض إعادة تقديم مشروع سبق تقديمه الفصل الماضي و ستمسح بمشروع قُدِّمَ السنة الماضية! طلبت منها البحث عن أفكار مشاريع و محاولة دراسة مشكلة معينه و إيجاد حل لها ولكني في النهاية تأكدت… هي فعلا لم تتعلم شيء طوال سنوات دراستها لأنها لا تريد التفكير أو بالأصح لم تتعلم كيف تفكر، من لم يتعلم التفكير لا يمكنه أن يقدم شيء جديداً ! مشروع التخرج فرصة لاكتشاف مدى قدرة الطالب على إنتاج شيء مميزو وفرصه لإثبات نفسه لا أفهم كيف لا يستغلها البعض!!
لا مزيد من الحفظ و إعادة كتابة ما حفظته أثبت نفسك أثبت بأنك تستحق التخرج، مشاريع التخرج موضوع يطول الحديث عنه لتكن هذه مقدمة لمقالات أخرى إن شاء الرحمن، دعونا نطمح أن تعلن أحدى الجهات عن مسابقة و جوائز -كاقتراح أولي- لأفضل مشروع تخرج أو أن تقدم بعض الجهات الدعم المعنوي و المادي لمشاريع الطلبة المميزة..
مشروع التخرج كان بالنسبة لي مشروع الحلم ولكني صدمت عند تقديم مشروع التخرج في دبلوم تقنيه المعلومات برفض فكرة مشروعي و حصر مواضيع المشاريع في جانب واحد و هو قواعد البيانات و كانت فكرة مشروعي تجمع بين البرمجة و الشبكات! طالبت يومها بتفسير لسبب الرفض و كانت إجابة الأستاذة تقول أوامر من رئيسة القسم !
تبعنا الأوامر و قمت بإنجاز المشروع و تقديمه في الوقت المحدد لذلك والحمد لله، بعدها بأيام تمت مناقشة المشروع و انتظرنا إعلان النتائج، بين غمره الفرح بتقديم المشروع بأفضل ما لدي و بين الاستعداد لامتحانات أخرى ذهبت أتحسس أخبار نتائج المشروع كلما طلب مني أحد الأستاذة، كان لي لقاء قصير بعد آخر امتحان نهائي مع معلمتي حين أكدت لي بأن قراراً آخر أصدر بعد تسليم جميع المشاريع ينص على أن لا يحصل أي طالب على درجة Aأو-A رغم أن جميع طلبة الفصل الذي سبق حصلوا على درجةA بلا استثناء! وسط تأكيد الأساتذة بأن مشاريع هذه الفصل أفضل بكثير من الفصل الماضي أصدر هذا القرار بعد تقديم المشاريع مؤكداً بعدم وجود أساس للمنطق فيه أو أي مجال لمعرفة الأسباب، عندما طلبت توضيح جوانب القصور في المشروع لـ”نتعلم” لم أحصل على إجابة فالدرجات كانت حسب مزاجية رئيسة القسم!
هكذا قدمت أول مشروع تخرج من الدبلوم و رغم أني أؤمن بعدم وجود مشروع “كامل” أو “مشروع” مثالي و هذه هي طبيعة إنتاج البشر فلا وجود للكمال، إلا أن غياب أسس التقييم و تغيب المنطق في إصدار القرارات خلف علامات استفهام و تعجب أكبر من حلم التخرج ذاته!
نعم قد لا تكون مشاريع التخرج بالمستوى المطلوب لذلك لن يسحق أي طالب درجة نهائية لكن ألا توفقوني بأن “واجب” الكلية هو التعليم! نحن هنا لنتعلم و خير معلم لنا هي الأخطاء التي نقع فيها بكلمات أخرى انقد عملي لأتعلم من نقدك.
الآن و بعد مضي قرابة عام على مشروع تخرج الدبلوم مازلت لا أعرف أين كان الخلل أو ما هي أوجهه القصور فيه!؟ مما يجعلني و زملائي فاقدين لحس تقبل النقد الذي يدفعنا لمحاولة التطوير التي لا بد أن نؤكد عليها، فغداً سنعمل في مشاريع واقعيه نمثل فيها أحد المؤسسات أو الشركات و سيكون النقد –الذي كنا نحلم به لمشاريع التخرج- أساس جيد يُمكننا من تفادي أخطاء وقعنا بها و يُخلق نوع أفضل من الاستيعاب و التقبل للمناقشات التي تعتبر مكسب حقيقي لجميع الأطراف فيها.
مشروع التخرج ليس مجرد مقرر أو مادة ندرسها لأجل إكمال عدد ساعات التخرج فقط إنما هي من أغنى المواد الدراسية –و إن كنت أعتبرها أهما- تعد الطالب لحياة واقعية تطلب قدراً كبيراً من الدقة و الإتقان للمضي فيها بخطى واثقة قادرة على مجارات التحديات فلا تضيعوا فرصتنا هذه.
إيمان فضل
نشر هذا المقال ضمن سلسلة "أوراق طالبة" في مجلة الفلق الإلكترونية