الخميس، 8 يوليو 2010

على الرَّف: البط الدميم يذهب إلى العمل!


هذا الكتاب الفريد من نوعه يجمع بين قصص الأطفال الخيالية وبين علم الإدارة، ويقدم لنا كتاباً يصلح لكل أفراد العائلة، الغلاف الطريف قد يدفع الأطفال حولك للسؤال عن الكتاب، فلا تقلق فستجد ست قصص أطفال موزعة في ستة أقسام من الكتاب، يمكنك بكل بساطة أن تقرأ إحدى هذه القصص للأطفال، وما أن تصل إلى آخر صفحات القصة حتى تبدأ رحلتك في عالم الإدارة وترى كيف تنطبق هذه القصة على حياتك العملية!

يقدم الكتاب مجموعة من قصص الأطفال للكاتب الدنماركي هانز كريستيان أندرسون، إذ تأتي القصص كمقدمات للفصول، يستطيع القارئ اختيار قراءة القصة كاملة أو ملخصها ثم تقدم له ميتي نورجارد تطبيقات هذا القصة بمجال العمل، رغم إشارة ميتي أنها قامت ببعض التعديلات البسيطة على القصص إلا أنها لم تتعدى مسألة تصحيح ترجمات القصص السابقة لأندرسون التي يعرفها الكبار والصغار.

من القصص التي يحتويها الكتاب قصة "ملابس الإمبراطور" المغرور الذي لم يكن يهمه سوى مظهره الخارجي، شاركت حاشيته كلها في إهالته بكلمات المديح، وموافقته على كل ما يقدم عليه، كذلك كان شعبه المسالم الطيب يحيه ولا يتوقف عن مدح أناقته، إلى أن يقرر نصابان النصب عليه بحياكة قماش عجيب لا يراه إلا الأذكياء والأكفاء بمناصبهم! تضرب كلمة مناصب على الوتر الحساس لكل موظف شَقى حتى يصل إلى منصبه، لكن ما يفقده بعد ذلك المنصب هو السعادة والراحة لأنه –وكما نلمس من القصة- أصبح يخاف المعارضة ويسعى للتوافق، خاصة التوافق من هم أعلى منه مرتبة فيؤثر السلامة، تقول ميتي "كثيراً ما تكون الحاجة المادية سبب هذا الخوف، فعندما تثقلنا الديون وتقل الفرص بسوق العمل، نشعر بالضعف ونؤثر السلامة"*، هذه الإستراتيجية تبعدنا عن تهمة "الغباء" –إذا اعترفنا بأننا لا نرى القماش، أي عبرنا عن أفكارنا- كما تؤكد أننا "أكفاء بالمناصب" لتشعرنا ببعض الراحة المزيفة.

أهم درس تقدمة "ملابس الأمبراطور" هو "ضرورة أن ينظر كل واحد في أجندته ليعلم هل هو المتحكم فيها أم غيره، فالحرص على التوافق يجعلنا نعيش طبقاً لأجندة أناس آخرين"*، وهنا تكمن خطورة بالغة، إذ يصبح تصبح حياة المرء محاولة لإرضاء توقعات آخرين، فنقد شيء فشيء الملامح الشخصية للفرد ونفقد لمساته الخاصة وقد يفقد معتقداته التي يؤمن بها ، يقوده إلغاء صوته الخاص وشخصيته بشكل تدريجي إلى يصاب بالإحباط الشديد بل بالخيانة إذا لم ينل الترقية التي توقعها أو لم يوافق على مشروعة المقترح لأسباب اقتصادية أو غيرها! فيتكشف أنه أضاع سنوات وسنوات من عمره وفقد نفسه، تقول ميتي"الأفضل من ذلك كله أن نستعيد أجندتنا الشخصية، أن نختار العمل الذي نعشق، العمل الذي نجيده أكثر من غيرنا، فنتيجة ذلك أن المرء يشعر أنه مسؤول بالفعل لا بالوكالة. والأهم من ذلك كله، أننا نرتقي إلى مستوى عالمي، ونجني من ذلك متعة كبيرة"*.

هكذا قدم الكتاب قصص أندرسون وتطبيقات الحكمة التي يطرحها في بيئة العمل، يبحر بك الكتاب إلى أفكار مواضيع عديدة لم تخطر ببالنا في طفولتنا أثناء مشاهدة هذه القصص على التلفاز، منها تشبيه إحساس الموظف الذي يعاني من التمييز ضده لأسبب عرقية أو دينية أو جنسية بقصة البط الدميم، ذلك البط الذي عانى الكثير بسبب تمييز وتلفتنا الكاتبة بتطبيق قصته إلى خطوة التمادي في النقد الذاتي ضرورة الارتقاء بنظرتنا إلى أنفسنا.

كتاب "البط الدميم يذهب إلى العمل" الصادر عن مكتبة كعيبان يحتوي على ست قصص تجمع بين التحذير والتحفيز للموظف قدمها الكتاب مع ست تطبيقات خاصة بكل قصة، عرضت جميعها بأسلوب شيق ممتع، وجمعت بين ما توصل إليه علم الإدارة الحديث مع قصص أندرسون للأطفال، مثيرة بذلك خيال القارئ موقظة حنين بداخله إلى أهدافه الحقيقية فـ"من المحزن أن بعض الناس يضحون بالأشياء التي يحبونها مقابل أشياء بدت لهم ذات قيمة في وقتها وما يلبثون أن يكتشفوا أنهم أجروا صفقة خاسرة*" فالساعي وراء حلمه سيحققه ويتعلم منه، وجدت في الكتاب مجموعة أفكار تستحق المناقشة في بيئة العمل وحتى في المنزل طرحت بأسلوب سلسل سهلة الاستفادة منه.

أخيراً اخترت لكم مجموعة اقتباسات من نقاط تستحق التفكير وقد جاء في خاتمة كله فصل..

• ما مشروعك الإبداعي؟ ما الأشياء التي توسع حدودك وتنميك؟

• متى كان آخر خطأ ارتكبته؟ وهل كان همك تعديل صورتك أمام نفسك؟

• ما الذي يبعثر طاقتك ويشتت انتباهك عن مصر قوتك، وما الذي ينبغي أن تقول له "لا"؟


*الاقتباسات عن كتاب البط الدميم يذهب إلى العمل لـ ميتي نورجرد، ترجمة د.شكري مجاهد

إيمان فضل

2010-04-20

مصدر الصورة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق