الاثنين، 13 يونيو 2011

على الرفَّ: رواية "اليهودي الحالي" لـ علي المقري


مَن نحن ومَن هو الآخر؟! وما هو الوطن؟
أصدرت دار الساقي الطبعة الثانية من رواية "اليهودي الحالي" للكاتب اليميني علي المقري، والتي قدم فيها الكاتب نموذجا خلاباً للرواية التي تأسر وتدهش وتوجع وتعلم في آن واحد!
الرواية بكل اختصار قصة حُب تدور أحداثها بمنطقة "ريدة" في اليمن، تجمع هذه القصة بين سالم اليهودي المليح/الحالي وبين فاطمة ابنة المفتي، في مجتمع يعتبر فيه اليهود أقلية تفتح فاطمة للحب باباً بتعليم سالم اليهودي اللغة العربية قراءة وكتابة، ثم بحجة تأكيد قواعد اللغة تقرأ عليه القرآن وتلقنه بعض الآيات والسور فيحفظها، فيسمع والد سالم اليهودي ابنه وهو يردد سورة الشمس والضحى ليظهر للقارئ أول صدام بين الطائفتين..
"ما فعلته فاطمة كان كمن أشعل حريقاً في حي يهودي"...
تتطور هذه الدروس لتصبح فاطمة تلميذة وسالم يأخذ دور المعلم فيعلمها العبرية، ويشرح لها ما غمض على فهمها في التلمود بعد أن شدتها الأناشيد والمزامير، امتدت هذه الدروس إلى تبادل الكتب العربية والعبرية بينهما ونمت قصة حب كانت محرك أحداث الرواية.
خلال 150 صفحة تصور الرواية الحياة المضطهدة التي عاشها اليهود، ومدى الفقر الذي عانت منه العائلات آن ذك، فتسوق الأحداث انهيار منزل بالحي اليهودي على رأس أصحابه، وتلفت القارئ إلى الأعمال البسيطة التي اشتغلوا بها، تأتي مضايقات المعنوية على ألسنة بعض الشخصيات التي تطالب اليهود بالرحيل، ووسط هذه الأجواء تظهر علاقات حب بين فتيات وفتيان الفريقين تدفع أصحابها للهرب من الدنيا أو ترك القرية!
يغلف المقري روايته هذه بقالب تاريخي يعود لعام 154هـ / 1944 م ، فينقل للقارئ أحداث تاريخية كالعقوبات التي أنزلها المتوكل عام 1077هـ إذ أمر بمصادرة أموال اليهود ثم زيادة الجزية 20 ضعفاً، مما أوصلهم إلى حاله انسانية حرجه من شدة الفقر فمات البعض بالجوع وأسلم البعض خوفاً من الهلاك؟
من الأحداث التاريخية التي أجاد الكاتب توظيفها "أمر إجلاء اليهود من صنعاء" عام 1088هـ، فبعد أن قدم للقارئ "حوليات اليهود اليمانية" وهي فصول صغيرة تحتوي على سرد سريع لأهم أحوال اليهود بتلك الفترة الزمنية، يربط الكاتب هذا الحدث بقصة اليهودي الحالي الذي لم يعد يهودياً والذي يخرج لمساعدة ووداع من كانوا أهله وجيرانه وصحبه، تظهر أيضاً هنا براعة الكاتب بصدفة لم تكن منتظرة فما أن تهدأ أحداث الرواية وتشارف صفحاتها على الانتهاء حتى يؤكد المقري على فكرة الرواية وبنش معنى الانتماء فإلى أين أهاجر؟ أليس هذا الوطن وطني؟ ما هو الوطن؟ متى يصبح لي حق بهذا الوطن؟
أضع هذه الرواية بقائمتي الشخصية لأفضل الروايات التي اطلعت عليها هذا العام، والتي أنصح الجميع بقراءتها فيهي تضيء زوايا لم تقربها رواية من قبل، كيف تتعايش مع الآخر وكيف تتعايش اذا أصبحت مع الفريق الآخر وما عادتك أنا(كَ) أنا ولا آخر(كَ) آخر؟!وهل يستطيع فعلاً الآخر تقبلك معه بعد أن كنت آخر؟!

إيمان فضل
عن ملحق أشرعة ، 12/6/2011
مصدر الصورة

هناك تعليق واحد:

  1. اختلف مع الكاتب في هذا , لأن الانتماء الوطني دعوة عقيمة أما الأنتماء الديني ولو تحولت الظروف , وصار المسلمون قلة في بيئة يهودية لم تذيقهم النفسية اليهودية التي جبلت على الخبث إلا أنكأ العذاب ولو كانوا من نفس القبيلة ولو كانوا أبناء والد واحد وأم واحدة , والانتماء الوطني دعوة ليبرالية قديمة من عهد ختلاف الشعوب وثورتها على الكنيسة , لا نذيب ثقافاتنا بالثقافة الغربية , ولا نحدد زوايا هويتنا بجدية ..
    إننا أما صدمة ثقافية عالمية , والأولى بما أن الحق في يدينا أن نعلم العالم لا نتعلم منهم ..
    ولدنا معلمين والوحي عندنا لا متعلمين والباطل عندهم :)

    ردحذف