كثيراً ما كنت أنظر بعين التقدير لما قدمه والدي لي، رغم محدودية المعلومات التربوية في ذلك الوقت إلا أنهما استطاعا تربية أبناء يُشهد لهم بالتميز كلٌ في مجاله، وكثيراً ما كنت أفخر باسم والدي حتى استبدلته باسم القبيلة فأصبحت إيمانه الذي آمن به.
كان حلمي في أن أتبع خطى والديَّ بتربية أطفالي -مستقبلاً - تربية أقدم فيها واجب الحمدلله الذي وهبني إياهم وأكرمنا بدين الإسلام، كنت أقرأ سراً كل ما يتعلق بالتربية وفهم نفسيات الأطفال، وكنت أبحث عما يصنع من أطفالي مستقبلاً أطفال مبدعين خلاقين...
فتوجهت لكتابة قصص الأطفال، وفهم تأثير القصة عليهم، وكيف صنعت قصة الحويرية الصغيرة جيلاً من الفتيات يفضلن الحب على طاعة والديهم، ثم بحثت في تأثير قصة الأسد الملك في جيل شبابي يهرب ويخاف من المسؤولية،
وكذا حلمت الفتيات بالأمير الذي سيغير حياتها ولم تدر بأن التغيير والسعادة قرار شخصي لم يقدمه أحد لها!!
نظرت للمكتبة العمانية للأطفال وشغفي بالموروث الثقافي فلم أجد ما يكفي الطفل العماني ليعرف عن بلده، رحت أكتب وأكتب، هنا صنع أحمد الصغير الحلوى، وهنا راقبت ميرة الصغيرة العصافير المهاجرة، وهناك سيزور يوسف مدينة سمهرم وتتبعها حكايات وحكايات، رحت أبحث عن قصص للأطفال من دول مختلفة وأتابع كيف نقل الكتَّاب ثقافة كل بلد بأسلوب مميز وجميل للأطفال.
لماذا افجر كل هذا الآن؟ في الحقيقة قبل أيام رأيت أطفال قرطبة في مسابقة شطرنج، وسقط فؤادي بين قدمي وأنا أتابع طفلة في السابعة وهي تتخذ قرار تحريك الوزير بعد تفكير عميق، وجاورها قرابة 100 طفل في لعبة الحرب يقود كل منهم جيشه.
لم يكن وداعي لقرطبة بعد رحلة قصيرة سهلاً بهذا المشهد، عادت لي صور أطفالنا أمام شاشات التلفزة والأيباد، بينما يقود أطفال الأندلس جيشاً على رقعات الشطرنج في نهاية الأسبوع حيث تحولت محطة قطار قرطبة إلى ساحة معارك شطرنج بين أطفال لم يتعدوا المرحلة الابتدائية! استرجعت تاريخ الأندلس، واسترجعت ما قيل في آخر قارب عربي\مسلم خَرَجَ مودعاً، عرفت لماذا فقدنا تلك الحضارة وكيف انتصروا علينا!
أبناءنا الذين وصولوا لنهاية مشوارهم المدرسي غير قادرين على اتخاذ قرار، شخصيات نراها ونعايشها غير قادرة على الإقدام، كم وكم وقفنا لنقول لزملاء بأن التقدم خطوة ليس مرعباً كما يبدوا لنا، لكن الحقيقية هي أننا فشلنا في تربية روح الإقدام وتعلم اتخاذ القرار لأطفالنا، بين كلمة "عيب" و"ولا تناقش" أفقدنا أجيال قدرتها على الحوار والتعبير، سحقنا بدواعي الاحترام ثقة الطفل في نفسه حتى أصبح يقبل أي فكرة دخيلة دون فهم أو نقاش و يعتبر كل اقتراح قرار ينصاع له! أصبحنا نواجه جيل شبابي مُجوَّف فكرياً وهزيل معنوياً.
أدركت أمام أطفال الأندلس فداحة ما وصلنا إليه وكم سيكون الطريق أمامي طويلاً وصعباً لتربية طفل أندلسي!
إيمان فضل
لاهاي
24/11/2014
كان حلمي في أن أتبع خطى والديَّ بتربية أطفالي -مستقبلاً - تربية أقدم فيها واجب الحمدلله الذي وهبني إياهم وأكرمنا بدين الإسلام، كنت أقرأ سراً كل ما يتعلق بالتربية وفهم نفسيات الأطفال، وكنت أبحث عما يصنع من أطفالي مستقبلاً أطفال مبدعين خلاقين...
فتوجهت لكتابة قصص الأطفال، وفهم تأثير القصة عليهم، وكيف صنعت قصة الحويرية الصغيرة جيلاً من الفتيات يفضلن الحب على طاعة والديهم، ثم بحثت في تأثير قصة الأسد الملك في جيل شبابي يهرب ويخاف من المسؤولية،
وكذا حلمت الفتيات بالأمير الذي سيغير حياتها ولم تدر بأن التغيير والسعادة قرار شخصي لم يقدمه أحد لها!!
نظرت للمكتبة العمانية للأطفال وشغفي بالموروث الثقافي فلم أجد ما يكفي الطفل العماني ليعرف عن بلده، رحت أكتب وأكتب، هنا صنع أحمد الصغير الحلوى، وهنا راقبت ميرة الصغيرة العصافير المهاجرة، وهناك سيزور يوسف مدينة سمهرم وتتبعها حكايات وحكايات، رحت أبحث عن قصص للأطفال من دول مختلفة وأتابع كيف نقل الكتَّاب ثقافة كل بلد بأسلوب مميز وجميل للأطفال.
لماذا افجر كل هذا الآن؟ في الحقيقة قبل أيام رأيت أطفال قرطبة في مسابقة شطرنج، وسقط فؤادي بين قدمي وأنا أتابع طفلة في السابعة وهي تتخذ قرار تحريك الوزير بعد تفكير عميق، وجاورها قرابة 100 طفل في لعبة الحرب يقود كل منهم جيشه.
لم يكن وداعي لقرطبة بعد رحلة قصيرة سهلاً بهذا المشهد، عادت لي صور أطفالنا أمام شاشات التلفزة والأيباد، بينما يقود أطفال الأندلس جيشاً على رقعات الشطرنج في نهاية الأسبوع حيث تحولت محطة قطار قرطبة إلى ساحة معارك شطرنج بين أطفال لم يتعدوا المرحلة الابتدائية! استرجعت تاريخ الأندلس، واسترجعت ما قيل في آخر قارب عربي\مسلم خَرَجَ مودعاً، عرفت لماذا فقدنا تلك الحضارة وكيف انتصروا علينا!
أبناءنا الذين وصولوا لنهاية مشوارهم المدرسي غير قادرين على اتخاذ قرار، شخصيات نراها ونعايشها غير قادرة على الإقدام، كم وكم وقفنا لنقول لزملاء بأن التقدم خطوة ليس مرعباً كما يبدوا لنا، لكن الحقيقية هي أننا فشلنا في تربية روح الإقدام وتعلم اتخاذ القرار لأطفالنا، بين كلمة "عيب" و"ولا تناقش" أفقدنا أجيال قدرتها على الحوار والتعبير، سحقنا بدواعي الاحترام ثقة الطفل في نفسه حتى أصبح يقبل أي فكرة دخيلة دون فهم أو نقاش و يعتبر كل اقتراح قرار ينصاع له! أصبحنا نواجه جيل شبابي مُجوَّف فكرياً وهزيل معنوياً.
أدركت أمام أطفال الأندلس فداحة ما وصلنا إليه وكم سيكون الطريق أمامي طويلاً وصعباً لتربية طفل أندلسي!
إيمان فضل
لاهاي
24/11/2014