الاثنين، 23 مايو 2011

كتب تجمعنا: عن رواية "الطريق إلى كراتشي"

ملاحظة: نشر هذا المقال في مدونة أكثر من حياة كمشاركة في "كتب تجمعنا"



"هذا البحر الذي تحبونه قد يسلبكم حياتكم.. ويهزم شبابكم"


كمن يضعك في منتصف الطريق بدأ هيثم بودي هذه الرواية برحلة القطار الذي حمل البحارة إلى كراتشي، ثم يقدم لنا الكاتب تصورا سريعا للحالة النفسية للبحارة التي تدل على حزن وآثار ما بعد صدمة، أحاديث بسيطة يسوقها هيثم لتشويق القارئ لمعرفة ما حدث؟ كيف وصلوا إلى القطار؟ وأين هي سفينتهم؟
يأخذنا هيثم بودي في هذه الرواية إلى أحداث رحلة بحارة كويتيين إلى الهند الغربية قبيل الحرب العالمية الثانية عام 1938، كادت الرحلة أن تكون رحلة تجارة عادية وواحدة من الرحلات الكثيرة التي يحمل فيها بحارة كويتيون بضاعة متنوعة إلى الهند على متن سفينة خشبية شراعية قبل غرقها!


استطاع الكاتب نقل صورة المكان ورسمها بطريقة بسيطة مميزة للقارئ، كما قدم نقل محترف بتصوير سينمائي لبعض الأحداث كوصول البرقيات ونقلها من مكتب البريد إلى مكاتب التجار عبر ساعي البريد الذي يركب دراجته القديمة، كما أجاد رسم صورة المفاجئة ووقع الذهول والحزن في المجتمع الكويتي عند تلقي نبأ غرق السفينة..
الجميل في هذه الرواية وهي أنها لم تنفصل عن كونها كويتية فترى كلمات كـ النوخذة تتردد بثقة بين صفحات الكتاب، مما يجعلك أمام مثال جيد لاستخدام وإدراج بعض الكلمات العامية أو الدارجة دون المساس بقيمة النص اللغوية، يمكننا بكل بساطة استبدال كلمة النوخذة بكلمة قبطان، إلا أن الكاتب أراد تأكيد انتماء هذه القصة للكويت باستخدام بعض التعابير المحلية وأرى أنه أجاد في هذا النقطة.
الرواية تقع في 190 صفحة تقريبا من القياس الصغير، أحداثها تتسارع أحياناً وتسكن كشراع السفينة، أعتبرها –شخصياً- واحدة من الروايات التي أنصح بها فكثيراً ما سمعنا عن زمان البحر من أهلنا ولم نعرف ما في زمان البحر من مشاق!

مستلهماً الرواية من قصة حقيقية لبحارة كويتيين في الهند الغربية عام 1938، قدم الكاتب هثيم بودي رواية "الطريق إلى كراتشي" شاكرة مدونة أكثر من حياة على هذه الفرصة المميزة للتعرف على كتاب وكاتب من الكويت.


إيمان فضل

الثلاثاء، 17 مايو 2011

ولن نعتصم حباً في الوطن



ليست المشكلة في الاعتصام بحد ذاته كطريقة للتعبير عن الرأي إنما في نتائج هذه الاعتصامات على الوطن ككل! إذ تنطلق قضية الاعتصام من أحقية المواطن في التعبير عن رأيه وهذا حق لا ننكره عليه، ما حز في أنفسنا هو أن يستغل هذا الحق في التعدي على حقوق الآخرين، وكأن حق التعبير عن الرأي يعلوا على باقي حقوق المجتمع!
لنتفق أولاً بأن الغاية لا تبرر الوسيلة، غايتي في مستقبل أفضل لا تبرر حرقي لسيارة هنا أو هناك، غايتي بتحقيق العدالة في جهة معينة لا تبرر تجرئي على شخصيات أمقتها بالسب والشتم، غايتي في عمان أجمل لا تبرر حتى كتابتي على الحيطان! لأن كل هذه الأعمال تتعارض مع الغاية  فهل ستصبح عمان أجمل بكتابات على الحيطان؟ هل سبي وشتمي لغيري يعني العدالة؟ هل حرق ممتلكات الآخرين يقدم مستقبلاً زاهراً للبلاد؟ هل قطع الطريق هو ما نريده؟
لفتتني نقطة مهمة وهي محاولة الاستمالة العاطفية للمتظاهرين وتحريكهم بالعواطف، للأسف نحن شعوب عاطفية بشكل مبالغ فيه أحياناً، تغلب علينا العواطف ونرجحها على المنطق! يقول شخص يحرض على الاعتصام "إن هذا الاعتصام لصالح أولادنا" ربما لو كان لي أولاد لشعرت بهذه المشاعر الأبوية التي يحاول المعتصم الدعوى لها، لكنني لم أرى المنطق من رواء هذا العمل! نعم لو ملك المزيد من المال سيوفر تعليم أفضل لأولاده  بمدارس خاصة ربما! وسيتمكن من إدخال ابنته لكلية خاصة بعد الثانوية ايضا، ولو ملك المزيد من المال قد يقتني ألعاب أفضل للأطفال.... ولكن قائمة الطلبات لا تنتهي إطلاقاً!
 ما هو الهدف من هذه الاعتصامات؟ كيف لهذا الاعتصام أن يخدم أولادنا ونحن نلقي الزيت على كل شيء متناسين أن أي شرارة قد تؤدي إلى الاشتعال!! كيف تضع العسكر في حالة استعداد في الطرقات وتقول أن هذا العمل لصالح أولادنا؟! 
عندما أقول لا لن أشارك في الاعتصام، فأنا لا أشارك لأجل عمان، وليس لأني سلبية ولأنني سأحصل على كل المنافع التي يأملون أن يحصلوا عليها بعد الاعتصام! نعم حقكم أن تعبروا عن رأيكم وحقنا أيضاً أن نخالفكم الرأي ونقول لن نعتصم.
نعم هو خروج عن صمت، المتابع للأحداث الأخيرة وما بلغته في قوائم الطلبات تجعلني أطالب بتحكيم العقل لا العواطف في أمرنا! فكما في  بعض الشركات الحكومية تعرف أن دخلها وأرباحها تساهم في نماء هذا الوطن وتشارك في عجلة التنمية، وتصبح الطلبات على حساب القيمة التنموية التي نقدمها للوطن، نعم لدينا أحلام وأماني لكننا لن نصنع مدينة فاضلة دون جهد! علينا جميعاً أن نعكس حبنا لهذا الوطن لأنه الدافع الحقيقي للكل الأحلام والأماني التي نطالب بها!
لو أخذ سائق الاجرة بالأمانة التي نطالبها من كبار المسؤولين ولو أظهر صاحب البقالة الصغيرة في نهاية الشارع بعض الجهد والاهتمام بمحله الصغير وأظهر الموظف الحكومي غيرته على عملة وهلم جر إلى التلاميذ في المدارس والكليات، وذلك الشاب الذي يحترم قوانين المرور، على طالب المدرسة أن يعي أنه سيصنع عمان الغد، أنه هو الحلم الذي سيعيشه، انظروا للوطن بصورة كبيرة كلنا من ابسط إلى اكبر شخص منا يساهم في اكمل صورة عمان الوطن الحلم، وإن ساهمنا بكل ما نملك من جهد وحب ولوجدنا أنفسنا نعيش الحلم والمطالب التي نريدها.
نعمل معاً من تلميذ الابتدائي إلى كل موظف لأجل عمان أجمل، لنخلق معاً التطور الذي نسعى له، لتكن لنا قنوات أرقى وأفضل لتقييم جودة الخدمات التي نشتكي منها، خذ المبادرة بالمطالبة بتفعيل قنوات تواصل، لقد تقترح تفعيل صندوق الشكاوي في مركزك الصحي، قد تقترح عمل استبيان عن مدى رضاء المراجعين لجهة معينة، القنوات عديدة علينا فقط تفعيلها والعمل بنتائجها، اليوم قد ترى نفسك موظف بسيط أو باحث عن عمل بسيط، وغداً بجهدك ستساهم في رقي عُمان التي تُحب.
ولن نعتصم مجدداً حباً في الوطن.

إيمان فضل
2011/5/14