ليست المشكلة في الاعتصام بحد ذاته كطريقة للتعبير عن الرأي إنما في نتائج هذه الاعتصامات على الوطن ككل! إذ تنطلق قضية الاعتصام من أحقية المواطن في التعبير عن رأيه وهذا حق لا ننكره عليه، ما حز في أنفسنا هو أن يستغل هذا الحق في التعدي على حقوق الآخرين، وكأن حق التعبير عن الرأي يعلوا على باقي حقوق المجتمع!
لنتفق أولاً بأن الغاية لا تبرر الوسيلة، غايتي في مستقبل أفضل لا تبرر حرقي لسيارة هنا أو هناك، غايتي بتحقيق العدالة في جهة معينة لا تبرر تجرئي على شخصيات أمقتها بالسب والشتم، غايتي في عمان أجمل لا تبرر حتى كتابتي على الحيطان! لأن كل هذه الأعمال تتعارض مع الغاية فهل ستصبح عمان أجمل بكتابات على الحيطان؟ هل سبي وشتمي لغيري يعني العدالة؟ هل حرق ممتلكات الآخرين يقدم مستقبلاً زاهراً للبلاد؟ هل قطع الطريق هو ما نريده؟
لفتتني نقطة مهمة وهي محاولة الاستمالة العاطفية للمتظاهرين وتحريكهم بالعواطف، للأسف نحن شعوب عاطفية بشكل مبالغ فيه أحياناً، تغلب علينا العواطف ونرجحها على المنطق! يقول شخص يحرض على الاعتصام "إن هذا الاعتصام لصالح أولادنا" ربما لو كان لي أولاد لشعرت بهذه المشاعر الأبوية التي يحاول المعتصم الدعوى لها، لكنني لم أرى المنطق من رواء هذا العمل! نعم لو ملك المزيد من المال سيوفر تعليم أفضل لأولاده بمدارس خاصة ربما! وسيتمكن من إدخال ابنته لكلية خاصة بعد الثانوية ايضا، ولو ملك المزيد من المال قد يقتني ألعاب أفضل للأطفال.... ولكن قائمة الطلبات لا تنتهي إطلاقاً!
ما هو الهدف من هذه الاعتصامات؟ كيف لهذا الاعتصام أن يخدم أولادنا ونحن نلقي الزيت على كل شيء متناسين أن أي شرارة قد تؤدي إلى الاشتعال!! كيف تضع العسكر في حالة استعداد في الطرقات وتقول أن هذا العمل لصالح أولادنا؟!
عندما أقول لا لن أشارك في الاعتصام، فأنا لا أشارك لأجل عمان، وليس لأني سلبية ولأنني سأحصل على كل المنافع التي يأملون أن يحصلوا عليها بعد الاعتصام! نعم حقكم أن تعبروا عن رأيكم وحقنا أيضاً أن نخالفكم الرأي ونقول لن نعتصم.
نعم هو خروج عن صمت، المتابع للأحداث الأخيرة وما بلغته في قوائم الطلبات تجعلني أطالب بتحكيم العقل لا العواطف في أمرنا! فكما في بعض الشركات الحكومية تعرف أن دخلها وأرباحها تساهم في نماء هذا الوطن وتشارك في عجلة التنمية، وتصبح الطلبات على حساب القيمة التنموية التي نقدمها للوطن، نعم لدينا أحلام وأماني لكننا لن نصنع مدينة فاضلة دون جهد! علينا جميعاً أن نعكس حبنا لهذا الوطن لأنه الدافع الحقيقي للكل الأحلام والأماني التي نطالب بها!
لو أخذ سائق الاجرة بالأمانة التي نطالبها من كبار المسؤولين ولو أظهر صاحب البقالة الصغيرة في نهاية الشارع بعض الجهد والاهتمام بمحله الصغير وأظهر الموظف الحكومي غيرته على عملة وهلم جر إلى التلاميذ في المدارس والكليات، وذلك الشاب الذي يحترم قوانين المرور، على طالب المدرسة أن يعي أنه سيصنع عمان الغد، أنه هو الحلم الذي سيعيشه، انظروا للوطن بصورة كبيرة كلنا من ابسط إلى اكبر شخص منا يساهم في اكمل صورة عمان الوطن الحلم، وإن ساهمنا بكل ما نملك من جهد وحب ولوجدنا أنفسنا نعيش الحلم والمطالب التي نريدها.
نعمل معاً من تلميذ الابتدائي إلى كل موظف لأجل عمان أجمل، لنخلق معاً التطور الذي نسعى له، لتكن لنا قنوات أرقى وأفضل لتقييم جودة الخدمات التي نشتكي منها، خذ المبادرة بالمطالبة بتفعيل قنوات تواصل، لقد تقترح تفعيل صندوق الشكاوي في مركزك الصحي، قد تقترح عمل استبيان عن مدى رضاء المراجعين لجهة معينة، القنوات عديدة علينا فقط تفعيلها والعمل بنتائجها، اليوم قد ترى نفسك موظف بسيط أو باحث عن عمل بسيط، وغداً بجهدك ستساهم في رقي عُمان التي تُحب.
ولن نعتصم مجدداً حباً في الوطن.
إيمان فضل
2011/5/14
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق