عبثاً أُحاول إقناعهم بأني لا أكتب قصصاً قصيرة !
عبثاً أُحاول إقناعهم بأن القصة هي من تكتبني و تذبحني أحياناً!
عبثاً حاولوا إقناعي بأن اكتب قصة لأُشارك بها في مسابقة!
لكن ,,, على ما يتسابقون؟ أعلى الإقناع أم على الإيجاع؟ أعلى الواقع الخصب أم الخيال الأصم ؟ أم على خليط بين هذا وذاك بنسبة متفاوتة محاولين فيها استماله لجنة التحكيم !
أنا لن اكتب لهم قصة أو على الأقل لن أُقنِعَ قلمي بضرورة الكتابة وهنا تذكرت تلك المحاضرة الشيقة عن كتابة القصة التي ألقاها أحد الأساتذة العام الماضي
- " كل ما تحتاجه لكتابه قصة قـَلم لا يهم قيمته و دفتر و رأس متعطش للفكر"
بدأ الأستاذ محاضرته بهذه الكلمات و أكمل يقول ...
- " بإمكانك أن تستعير القلم و الدفتر أيضاً و لكن الرأس هو ما لا يُستعار , إذا كنت بلا رأس فأنت قصة كاملة مختومة بشمع احمر ملكي ! فلا داعي لأن تكتب قصة أو لأكن اكثر وضوحا لا تحاول فالمحاولة أياًّ كانت ضرب من الجنون ! لا تحاول فحماقة منك أن تحاول و حماقة أيضاً أن لا تحاول فعش بين الحماقتين إذاً!"
اكتفيتُ بإظهار علامات الدهشة و وجع المعرفة على وجهي ليعرف الأستاذ كم أتابع بشغف حديثة ! فتابع قائلاً:
- "بعد أن تتأكد من وجود المواد الأساسية لعملية الكتابة " القلم و الدفتر و الرأس " علما بأنكم تستطيعون الاستعانة بالكمبيوتر عوضا عن القلم و الدفتر و لكن الرأس لا يعوض و لا يستعار تذكروا ذلك جيداً"
و أنا اذكر هذا المقطع من المحاضرة تساءلت " ترى ماذا تفعل لجنة التقييم ؟ أتقيم نوعية الحبر المستخدم و الورق أم الرؤوس التي كَتَبت تلك الحروف ! الله أعلم بما تـَفَعـلُ فعلاً! لأعد للمحاضرة التي أكد فيها الأستاذ بأن الكتابة بلا رأس مستحيلة!
- "الدرس الأول والأوحد في الكتابة هو تحديد ماهية القلم بالنسبة لك أهو أداة جَرح و نَبْش أم تضميد وستر؟! إذا أجبت بالإجابة الثانية "الستر" فدع عنك فكرة أن تصبح كاتباً فأنت رواية مختومة منشورة !"
إلهي ماذا يقول هذا الأستاذ ؟! كيف يحكم هكذا علينا بأننا روايات مختومة و منشورة !ما يقدمه بعض الأساتذة من إحباط للطالب يكون أحيانا اشد وقعا عليهم و تأثيرا في أدائهم من أي شيء آخر بقدر يصعب تخيله ! أعاننا الله عليهم ! أعانهم الرحمن علينا..
- "الكتابة عملية جرح ونبش.. قد لا تفضحك الكلمات أحيانا بقدر ما تفضحنا أحيانا مسافة بين كلمة و لأخرى تقول أسرارا ًما كُنَّا نبغي أن تـُباح للأعين! تَفضحنا أصوات صمتنا و أنين سكوننا بين الفتحة والضمة لكأن الصمت اغتيال و كأن الهمس ولادة للفشل!!"
رافعا يدي :
- "عذراً أستاذ هل لي بمداخلة صغيرة ؟"
بحركة من يده يسمح لي ..
- "أن تصف الكتابة بعملية نبش وجرح لهو أمر يصعب علي فهمة باعتبار أن الغزليات و المدائح أيضا نوعٌ من أنواع الكتابة؟!"
مشيراً إلى عنوان كتب في بداية المحاضرة على اللوح
- "أنسيت أننا نتحدث عن كتابة القصة !"
يفضح الأستاذ شرودي الجزئي
- و لكنك صورت الكتابة كعمل وحشي !
- إذا لم تكن الكتابة وحشية فما هو الوحشي إذاً؟! الكتابة هي تحرير الواقع من أقنعته و في محاولة التجريد هذه قد تُجرح أوجهه الواقع فتظهر مشوهة ًأكثر مما هي عليه و هنا تظهر إمكانيات الكاتب وقدراته على نزع الأقنعة بلطف كي لا يزيد الواقع تشوها.
- إذا الكتابة في نظرك واقع و ليست خيال؟
- الكاتب الذي يظن نفسه خيالي 100 بالمائة هو كاتب يخدع نفسه بلا شك و يوهما بذلك فكل خيالنا مبني على واقع و كل واقع مبني على خيال أيضاً فكما يقال "الواقعي هو الخيالي الأكيد"
أوحيت للأستاذ بأن استفساراتي انتهت بعد أن أزعجني زميلي برنتين متتاليتين على هاتفي النقال أثناء مناقشي مع الأستاذ كي انهي حواري لأن وقت المحاضرة انتهى !
أذهب الآن لأقرب قرطاسيه لأشتري دفتراً و قلماً فرائحة الحبر أعشق لا أصوات لوحة المفاتيح , في محاولة مني لتطبيق المحاضرة ! اتخذت لي ركناً أيمن كعادتي في المكتبة لأبدأ في كتابة قصة لعلي أُشارك في تلك المسابقة المعلن عنها , مستعيداً ما قاله الأستاذ في تلك المحاضرة " تحديد ما هيه القلم " ,"سيكون جارحا بإذن الله و نابشاً " قلت في نفسي و أنا افتح الدفتر, قلمٌ أزرق جاف يسيل حبره كلما احتجت إليه فقط مطيعاً صادقاً غير كسول! و دفتر لا يزيد طوله عن شبر و نصف و عرضه حوالي شبرٍ أيضاً
ماذا تبقى لي لأكتب ؟!
امسك بالقلم و أحاول وضعه على الورقة الملساء
فيأبى
اكرر المحاولة
فيأبى أيضاً
فتذكرت عندها أن أحدهم استعار رأسي ذات يوم ولم يعده إلى الآن ..
فكيف أكتب!؟
أكتوبر 2004 م
إيمان فضل
عبثاً أُحاول إقناعهم بأن القصة هي من تكتبني و تذبحني أحياناً!
عبثاً حاولوا إقناعي بأن اكتب قصة لأُشارك بها في مسابقة!
لكن ,,, على ما يتسابقون؟ أعلى الإقناع أم على الإيجاع؟ أعلى الواقع الخصب أم الخيال الأصم ؟ أم على خليط بين هذا وذاك بنسبة متفاوتة محاولين فيها استماله لجنة التحكيم !
أنا لن اكتب لهم قصة أو على الأقل لن أُقنِعَ قلمي بضرورة الكتابة وهنا تذكرت تلك المحاضرة الشيقة عن كتابة القصة التي ألقاها أحد الأساتذة العام الماضي
- " كل ما تحتاجه لكتابه قصة قـَلم لا يهم قيمته و دفتر و رأس متعطش للفكر"
بدأ الأستاذ محاضرته بهذه الكلمات و أكمل يقول ...
- " بإمكانك أن تستعير القلم و الدفتر أيضاً و لكن الرأس هو ما لا يُستعار , إذا كنت بلا رأس فأنت قصة كاملة مختومة بشمع احمر ملكي ! فلا داعي لأن تكتب قصة أو لأكن اكثر وضوحا لا تحاول فالمحاولة أياًّ كانت ضرب من الجنون ! لا تحاول فحماقة منك أن تحاول و حماقة أيضاً أن لا تحاول فعش بين الحماقتين إذاً!"
اكتفيتُ بإظهار علامات الدهشة و وجع المعرفة على وجهي ليعرف الأستاذ كم أتابع بشغف حديثة ! فتابع قائلاً:
- "بعد أن تتأكد من وجود المواد الأساسية لعملية الكتابة " القلم و الدفتر و الرأس " علما بأنكم تستطيعون الاستعانة بالكمبيوتر عوضا عن القلم و الدفتر و لكن الرأس لا يعوض و لا يستعار تذكروا ذلك جيداً"
و أنا اذكر هذا المقطع من المحاضرة تساءلت " ترى ماذا تفعل لجنة التقييم ؟ أتقيم نوعية الحبر المستخدم و الورق أم الرؤوس التي كَتَبت تلك الحروف ! الله أعلم بما تـَفَعـلُ فعلاً! لأعد للمحاضرة التي أكد فيها الأستاذ بأن الكتابة بلا رأس مستحيلة!
- "الدرس الأول والأوحد في الكتابة هو تحديد ماهية القلم بالنسبة لك أهو أداة جَرح و نَبْش أم تضميد وستر؟! إذا أجبت بالإجابة الثانية "الستر" فدع عنك فكرة أن تصبح كاتباً فأنت رواية مختومة منشورة !"
إلهي ماذا يقول هذا الأستاذ ؟! كيف يحكم هكذا علينا بأننا روايات مختومة و منشورة !ما يقدمه بعض الأساتذة من إحباط للطالب يكون أحيانا اشد وقعا عليهم و تأثيرا في أدائهم من أي شيء آخر بقدر يصعب تخيله ! أعاننا الله عليهم ! أعانهم الرحمن علينا..
- "الكتابة عملية جرح ونبش.. قد لا تفضحك الكلمات أحيانا بقدر ما تفضحنا أحيانا مسافة بين كلمة و لأخرى تقول أسرارا ًما كُنَّا نبغي أن تـُباح للأعين! تَفضحنا أصوات صمتنا و أنين سكوننا بين الفتحة والضمة لكأن الصمت اغتيال و كأن الهمس ولادة للفشل!!"
رافعا يدي :
- "عذراً أستاذ هل لي بمداخلة صغيرة ؟"
بحركة من يده يسمح لي ..
- "أن تصف الكتابة بعملية نبش وجرح لهو أمر يصعب علي فهمة باعتبار أن الغزليات و المدائح أيضا نوعٌ من أنواع الكتابة؟!"
مشيراً إلى عنوان كتب في بداية المحاضرة على اللوح
- "أنسيت أننا نتحدث عن كتابة القصة !"
يفضح الأستاذ شرودي الجزئي
- و لكنك صورت الكتابة كعمل وحشي !
- إذا لم تكن الكتابة وحشية فما هو الوحشي إذاً؟! الكتابة هي تحرير الواقع من أقنعته و في محاولة التجريد هذه قد تُجرح أوجهه الواقع فتظهر مشوهة ًأكثر مما هي عليه و هنا تظهر إمكانيات الكاتب وقدراته على نزع الأقنعة بلطف كي لا يزيد الواقع تشوها.
- إذا الكتابة في نظرك واقع و ليست خيال؟
- الكاتب الذي يظن نفسه خيالي 100 بالمائة هو كاتب يخدع نفسه بلا شك و يوهما بذلك فكل خيالنا مبني على واقع و كل واقع مبني على خيال أيضاً فكما يقال "الواقعي هو الخيالي الأكيد"
أوحيت للأستاذ بأن استفساراتي انتهت بعد أن أزعجني زميلي برنتين متتاليتين على هاتفي النقال أثناء مناقشي مع الأستاذ كي انهي حواري لأن وقت المحاضرة انتهى !
أذهب الآن لأقرب قرطاسيه لأشتري دفتراً و قلماً فرائحة الحبر أعشق لا أصوات لوحة المفاتيح , في محاولة مني لتطبيق المحاضرة ! اتخذت لي ركناً أيمن كعادتي في المكتبة لأبدأ في كتابة قصة لعلي أُشارك في تلك المسابقة المعلن عنها , مستعيداً ما قاله الأستاذ في تلك المحاضرة " تحديد ما هيه القلم " ,"سيكون جارحا بإذن الله و نابشاً " قلت في نفسي و أنا افتح الدفتر, قلمٌ أزرق جاف يسيل حبره كلما احتجت إليه فقط مطيعاً صادقاً غير كسول! و دفتر لا يزيد طوله عن شبر و نصف و عرضه حوالي شبرٍ أيضاً
ماذا تبقى لي لأكتب ؟!
امسك بالقلم و أحاول وضعه على الورقة الملساء
فيأبى
اكرر المحاولة
فيأبى أيضاً
فتذكرت عندها أن أحدهم استعار رأسي ذات يوم ولم يعده إلى الآن ..
فكيف أكتب!؟
أكتوبر 2004 م
إيمان فضل